للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الحسن البصري: سأل رجل أبا الدرداء رضي الله عنه فقال: رحمك الله! لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا هل كان ينكر شيئًا مما نحن عليه؟ فغضب، واشتد غضبه، وقال: وهل كان يعرف شيئًا مما أنتم عليه؟ (١).

وقال المبارك بن فَضَالة: صلى الحسنُ الجمعة وجلس، فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا سعيد؟ فقال: تلومونني على البكاء، ولو أن رجلًا من المهاجرين اطّلع من باب مسجدكم ما عرف شيئًا مما كان عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتم اليوم عليه؛ إلا قِبْلَتكم هذه! (٢).

وهذه هي الفتنة العظمى التي قال فيها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «كيف أنتم إذا لَبِستكم فتنة، يَهْرَم فيها الكبير، وينشأ فيها الصغير، تجري على الناس، يتخذونها سُنة؛ إذا غُيّرت قيل: غُيّرت السنة، أو هذا منكر» (٣).


(١) لم أقف على هذه الرواية، وروى البخاري (٦٢٢) عن أم الدرداء قالت: دخل عليَّ أبو الدرداء وهو مغضَب، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: والله، ما أعرف من أمّة محمد -صلى الله عليه وسلم- شيئًا إلا أنهم يصلّون جميعًا.
(٢) ذكره الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٤/ ١)، ورواه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (١٧٦) من طريق ابن عيينة عن ابن فضالة عن الحسن قال: لو أنّ رجلا أدرك السلف الأوّل ثم بعِث اليوم ما عرف من الإسلام شيئا، قال: ووضع يده على خدّه ثم قال: إلا هذه الصلاة.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٤٥٢)، والدارمي (١٨٥)، والشاشي (٦١٣)، والحاكم (٨٥٧٠)، والبيهقي في الشعب (٥/ ٣٦١) من طرق عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود. ورواه معمر في جامعه (١١/ ٣٥٩) ـ ومن طريقه الخطابي في العزلة (ص ٨٤) ــ عن قتادة عن ابن مسعود. ورواه الدارمي (١٨٦) وابن وضاح في البدع (٢٦١) وابن حزم في الإحكام (٦/ ٣١٥) من طريق علقمة، ونعيم في الفتن (٦٩) من طريق عمرو بن ميمون، وابن وضاح في البدع (٧٨) من طريق زبيد اليامي، ثلاثتهم عن ابن مسعود. وهو في صحيح الترغيب (١١١). ورُوِي مرفوعًا.