للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن بَلْدَجِيٍّ في «شرح المختار» (١): ويُكره أن يدعو الله تعالى إلا به، فلا يقول: أسألك بفلان، أو بملائكتك، أو بأنبيائك ونحو ذلك؛ لأنه لا حقَّ للمخلوق على خالقه، أو يقول في دعائه: أسألك بمعقد العزّ من عرشك. وعن أبى يوسف جوازه.

وما يقول فيه أبو حنيفة وأصحابه: «أكره كذا»، هو عند محمد حرام، وعند أبى حنيفة وأبى يوسف هو إلى الحرام أقرب، وجانب التحريم عليه أغلب.

وفى «فتاوى أبى محمد بن عبد السلام» (٢): أنه لا يجوز سؤال الله سبحانه بشيء من مخلوقاته: لا الأنبياء، ولا غيرهم، وتوقف في نبينا - صلى الله عليه وسلم -، لاعتقاده أن ذلك جاء في حديث، وإن (٣) لم يعرف صحة الحديث.

فإذا قرّر الشيطان عنده أن الإقسام على الله به، والدعاء به أبلغ في تعظيمه واحترامه، وأنجَعُ في قضاء حاجته، نقله درجةً أخرى إلى دعائه نفسه من دون الله. ثم ينقله بعد ذلك درجة أخرى إلى أن يتخذ قبرَه وثنًا، يعكُف عليه، ويوقد عليه القنديل، ويعلّق عليه الستور، ويبني عليه المسجد، ويعبده بالسجود له، والطواف به، وتقبيله، واستلامه، والحج إليه، والذّبح عنده. ثم ينقله درجة أخرى إلى دعاء الناس إلى عبادته، واتخاذه عيدًا ومَنْسكًا، وأن ذلك أنفع لهم في دنياهم وآخرتهم.

قال شيخنا قدَّس الله روحه: وهذه الأمور المبتدعة عند القبور مراتب:


(١) الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٧٥).
(٢) ص ٨٣.
(٣) كذا في الأصل، وفي بعض النسخ: «وأنه».