للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربه سياطًا، وإن شاء أزْعجه عن داره.

وأما الشافعي فقال في كتاب «أدب القضاء» (١): «إن الغناء لَهْوٌ مكروه، يُشبِه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه تُردّ شهادته».

وصرَّح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه، وأنكروا على من نسب إليه حِله، كالقاضي أبى الطيب الطبري، والشيخ أبى إسحاق، وابن الصباغ.

قال الشيخ أبو إسحاق في «التنبيه» (٢): ولا تصح ــ يعني الإجارة ــ على منفعة محرَّمة، كالغناء، والزّمْر، وحمل الخمر، ولم يذكر فيه خلافًا.

وقال في «المهذب» (٣): ولا يجوز على المنافع المحرمة؛ لأنه محرم، فلا يجوز أخذ العوض عنه كالميتة والدم.

فقد تضمن كلام الشيخ أمورًا:

أحدها: أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة.

الثاني: أن الاستئجار عليها باطل.

الثالث: أن أكل المال به أكل مال باطل، بمنزلة أكله عوضًا عن الميتة والدم.

الرابع: أنه لا يجوز للرجل بَذْل ماله للمغنِّي، ويحرم عليه ذلك، فإنه بذل مالٍ في مقابلة محرم، وأن بَذْلَه في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة.


(١) من كتاب الأم (٧/ ٥١٨).
(٢) ص ١٢٣ (ط. عالم الكتب).
(٣) ١٥/ ٣ (مع تكملة المجموع شرح المهذب).