للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الزجاج (١): «لا يُجالسون أهل المعاصي، ولا يُمالِئونهم عليها (٢)، ومروا مرَّ الكرام الذين لا يرضون باللغو؛ لأنهم يُكرمون أنفسهم عن الدخول فيه، والاختلاط بأهله».

وقد رُويَ أن عبد الله بن مسعود مَرَّ بلهو، فأعرض عنه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ أصْبحَ ابنُ مسعودٍ لكريمًا» (٣).

وقد أثنى الله سبحانه على من أعرض عن اللغو إذا سمعه؛ فقال: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} [القصص: ٥٥].

وهذه الآية، وإن كان سبب نزولها خاصًّا فمعناها عام متناول لكل من سمع لغوًا فأعرض عنه، وقال بلسانه أو بقلبه لأصحابه: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم.

وتأمل كيف قال سبحانه: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} ولم يقل: بالزور؛ لأن {يَشْهَدُونَ} بمعنى: يحضُرون، فمدحهم على ترك حضور مجالس الزور، فكيف بالتكلم به وفعله؟ والغِناءُ من أعظم الزور.


(١) معاني القرآن (٤/ ٧٧). ونقله في البسيط (١٦/ ٦٠٤).
(٢) في ش بعدها: «بالدخول فيه».
(٣) رواه الطبري في تفسيره (١٩/ ٣١٦) وابن أبي حاتم في تفسيره (١٥٤٦٣، ١٥٤٦٤) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٣/ ١٢٨) من طرق عن محمد بن مسلم عن إبراهيم ابن ميسرة قال: بلغني أن ابن مسعود مرَّ بلهو معرضًا .. وذكره، وهو في السلسلة الضعيفة (١١٦٧).