للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى إذا قضيا عُرس التحليل، ولم يحصل بينهما المودَّة والرحمة التي ذكرها الله تعالى في التنزيل؛ فإنها لا (١) تحصل باللعن الصَّريح، ولا يوجبها إلا النكاح الجائز الصحيح؛ فإن كان قد قبض أجرةَ ضِرابه سلفًا وتعجيلًا، وإلا حَبسها حتى يعطيه أجره طويلًا، فهل سمعتم بزوج لا يأخذ بالساق؛ حتى يأخذ أجرته بعد الشرط والاتفاق؟ حتى إذا طهَّرها وطيَّبها، وخلَّصها بزعمه من الحرام وجَنَّبها؛ قال لها: اعترفي بما جرى بيننا ليقع عليك الطلاق، فيحصل بعد ذلك بينكما الالتئام والاتفاق، فتأتي المضمَّخةُ (٢) إلى حضرة الشهود، فيسألونها: هل كان ذاك؟ فلا يمكنها الجحود، فيأخذون منها أو من المطلق أجرًا، وقد أرهقوهما من أمرهما عسرًا، هذا وكثير من هؤلاء المستأجَرين للضِّراب يحلِّل الأمَّ وابنتها في عقدين، ويجمع ماءه في أكثر من أربع وفي رحم أختين.

وإذا كان هذا من شأنه وصفته، فهو حقيق بما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المحلِّل والمحلَّل له،

رواه الحاكم في «الصحيح» (٣)، والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح»،


(١) «لا» ساقطة من م.
(٢) في بعض النسخ: «المخصمة» أو «المصخمة».
(٣) لم أقف على من عزاه لمستدرك الحاكم، وهو في سنن الترمذي (١١٢٠) من طريق أبي قيس عن هُزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود به، وبهذا الإسناد رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٥٥٣، ٧/ ٢٩٢)، والدارمي (٢٢٥٨)، وابن الجوزي في التحقيق (١٦٥٨)، وصحّحه ابن حزم في المحلى (١٠/ ١٨٠)، وابن العربي في العارضة (٣/ ٤٦)، وابن القطان كما في التلخيص الحبير (٣/ ٣٧٢)، وابن دقيق العيد في الاقتراح (ص ١٠١)، والذهبي في الكبائر (ص ١٣٨)، والمصنّف فيما يأتي، وابن الملقن في البدر المنير (٧/ ٦١٢)، والهيتمي في الزواجر (٢/ ٥٧٨)، والشوكاني في فتح القدير (١/ ٣٦٣)، والألباني في الإرواء (١٨٩٧). ورواه أحمد (١/ ٤٥٠) وأبو يعلى (٥٠٥٤) والشاشي (٨٦٢) والبغوي في شرح السنة (٢٢٩٣) من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي الواصل عن ابن مسعود به.