للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله سبحانه شرع النكاح للوصلة الدائمة والاستمتاع، وهذا النكاح جعله أصحابه سببًا لانقطاعه، ولوقوع الطلاق فيه، فإنه متى وَطئ كان وطؤُه سببًا لانقطاع النكاح، وهذا ضدُّ شرع الله.

وأيضًا فإن الله سبحانه جعل نكاح الثاني وطلاقه واسمه كنكاح الأول وطلاقه واسمه، فهذا زوج وهذا زوج، وهذا نِكاح وذلك نكاح، وكذلك الطلاق. ومعلوم أن نكاح المحلِّل وطلاقه واسمه لا يشبه نكاح الأول ولا طلاقه ولا اسمه، ذاك زوج راغب، قاصد للنكاح، باذِلٌ للمهر، ملتزم للنفقة والسُّكنَى والكسْوة، وغير ذلك من خصائص النكاح؛ والمحلل بريء من ذلك كلِّه، غير ملتزم لشيء منه.

وإذا كان الله تعالى ورسوله قد حرّم نكاح المُتعة، مع أن قصد الزوج الاستمتاع بالمرأة، وأن يقيم معها زمانًا، وهو ملتزم لحقوق النكاح فالمحلِّل الذي ليس له غرض أن يقيم مع المرأة إلا قَدْرَ ما ينزُو عليها كالتَّيْسِ المستعار لذلك، ثم يفارقها: أولى بالتحريم.

وسمعت شيخ الإسلام يقول: نكاح المتعة خير من نكاح التحليل من أكثر من عشرة أوجه (١):

أحدها: أن نكاح المتعة كان مشروعًا في أول الإسلام، ونكاح التحليل لم يُشرع في زمن من الأزمان.

الثاني: أن الصحابة تمتعوا على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن في الصحابة محلِّلٌ قطُّ.


(١) م: «اثني عشر وجهًا». وانظر بعض هذه الأوجه في «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٩٣ وما بعدها).