للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن نكاح المتعة مختَلَف فيه بين الصحابة، فأباحه ابن عباس ــ وإن قيل: إنه رجع عنه (١) ـ، وأباحه عبد الله بن مسعود، ففي «الصحيحين» (٢) عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس لنا نساء، فقلنا: ألا نسْتخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجلٍ، ثم قرأ عبد الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: ٨٧].

وفتوى ابن عباس بها مشهورة، قال عُروة (٣): قام عبد الله بن الزبير بمكة، فقال: إن ناسًا أعمَى الله قلوبَهم كما أعمى أبصارهم، يُفتون بالمتعة! يُعرِّض بعبد الله بن عباس، فناداه، فقال: إنك لجِلْفٌ جافٍ، فلعمري لقد كانت المتعة تُفعل على عهد إمام المتقين، يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له ابن الزبير: فجرّب نفسك، فو الله لئن فعلتها لأرجُمنّك بأحجارك!

فهذا قول ابن مسعود وابن عباس في المتعة، وذاك قولهما وروايتهما في نكاح التحليل.

الرابع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يجئ عنه في لعن المستمتع والمستمتَع بها حرف واحد، وجاء عنه في لعن المحلِّل والمحلَّل له وعن الصحابة ما قد تقدم.

الخامس: أن المستمتع له غرضٌ صحيح في المرأة، ولها غَرض أن تقيم معه مدة النكاح، فغرضه المقصود بالنكاح مدَّة، والمحلل [٧٨ ب] لا


(١) أخرجه الترمذي (١١٢٢) عنه.
(٢) البخاري (٤٦١٥)، ومسلم (١٤٠٤).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٠٦/ ٢٧).