للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما شرعه من حيث الوقت: فشرع الطلاق للعدّة، وقد فسّره النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يطلقها طاهرًا من غير جماع (١)، فلم يشرع جَمْعَ ثلاث، ولا تطليقتين، ولم يشرع الطلاق في حَيْضِ، ولا في طهر وطئ فيه.

وكان المطلق في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلِّه، وزمَنِ أبي بكر كلِّه، وصَدْرًا من خلافة عمر رضي الله عنهما؛ إذا طلّق ثلاثًا تُحْسَب له واحدة، وفي ذلك حديثان صحيحان: أحدهما رواه مسلم في «صحيحه»، والثاني رواه الإمام أحمد في «مسنده».

فأما حديث مسلم (٢): فرواه من طريق ابن طاوُس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان الطلاق على عَهْد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وسنَتين من خلافة عمر: طلاقُ الثلاث واحدة، فقال عمر رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم.

وفي «صحيحه» (٣) أيضًا عن طاوس: أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هاتِ من هَنَاتِك! ألم يكن الطلاقُ الثلاث على عَهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدةً؟ فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم.

وفي لفظ لأبي داود (٤): أن رجلًا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال


(١) أخرجه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١) عن ابن عمر.
(٢) برقم (١٤٧٢/ ١٥).
(٣) برقم (١٤٧٢/ ١٧).
(٤) سنن أبي داود (٢٢٠١) من طريق أبي النعمان عن حماد بن زيد عن أيوب عن غير واحد عن طاوس به، ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في الكبرى (٧/ ٣٣٨، ٣٣٩)، وصحّح إسناده المصنف في الزاد (٥/ ٢٥١، ٢٦٨)، لكن أُعلّ باختلاط أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، وقد خولف في إسناده ومتنه؛ ولذا ضعّفه الألباني في السلسلة الضعيفة (١١٣٤).