للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصّه فيه بلفظه، فنذكر ما ذكره عن ابن (١) مُغيث، ثم نُتْبعه كلامه؛ ليُعْلَم أن النقل بذلك معلوم مُتَدَاوَل بين أهل العلم، وأن من قَصُرَ في العلم باعُه، وطال في الجهل والظلم ذراعُه، يُبادر إلى التكفير والعقوبة جهلاً منه وظلمًا، ويَحِقّ له، وهو الدعيّ في العلم (٢) ليس منه أقربَ رُحْمًا.

قال ابن هشام: «قال ابن مُغيث: الطلاق ينقسم على ضربين: طلاق السنة، وطلاق البدعة. فطلاق السنة: هو الواقع على الوجه الذي نَدب الشرع إليه، وطلاق البدعة: نقيضه، وهو أن يطلقها في حيضٍ أو نفاسٍ أو ثلاثًا في كلمة واحدة، فإن فعل لزمه الطلاق.

ثم اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مطلِّق، كم يلزمه من الطلاق؟

فقال علي بن أبي طالب، وابن مسعود: يلزمه طلقة واحدة، وقاله ابن عباس، وقال: قوله «ثلاثًا» لا معنى له؛ لأنه لم يطلق ثلاث مرات، وإنما يجوز قوله في ثلاث إذا كان مخبرًا عما مضى، فيقول طلقت ثلاثًا، يخبر عن ثلاثة أفعال كانت منه في ثلاثة أوقات، كرجل قال: قرأت أمس سورة كذا ثلاث مرات، فذلك يصح، ولو قرأها مرة واحدة، فقال: قرأتها ثلاث مرات، كان كاذبًا. وكذلك لو حلف بالله ثلاثًا يُرَدِّد الحَلِفَ كانت ثلاثة أيمان، ولو قال: أحلف بالله ثلاثًا لم يكن حلف إلا يمينًا واحدة، والطلاق مثله.

ومثله قال الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، رُوِّينا ذلك كله عن ابن وَضّاح.


(١) كذا في ح، وباقي النسخ: «أبي».
(٢) «في العلم» ساقطة من م.