للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٨٢ ب] فلذلك لم يُشْرع أن مَنْ قتلَ رجلًا حَرُمَتْ عليه امرأته؛ كما شُرع أن من قتل موروثًا مُنِع ميراثَه، فإذا قتله ليتزوّج بها فقد وُجدت الحكمةُ فيه، فيعاقَبُ بنقيض قَصْده.

وأكثر ما يقال في ردِّ هذا: أن الأفعال المحرَّمة لحق الله سبحانه لا تُفِيد الحِلَّ، كذَبح الصّيدِ، وتخليل الخمر، والتّذْكِية في غير المحل، أما المحرّم لحق الآدمي كذبْح المغصوب، فإنه يُفيد الحلّ.

أو يقال: إن الفعل المشروع لثبوت الحكم يشترط فيه وقوعه على الوجه المشروع، كالذكاةِ، والقتل لم يُشرع بحِلّ المرأة، وإنما انقضى النكاح بانقضاء الأجَلِ، فحصل الحلّ ضمنًا وتبعًا.

ويمكن أن يقال في جواب هذا: إن قتل الآدميّ حرامٌ لحقّ الله تعالى وحقّ الآدمي، ولهذا لا يُستباحُ بالإباحة، بخلافِ ذَبْح المغصوب؛ فإنه حُرّمَ لمحض حق الآدمي، ولهذا لو أباحه حَلَّ، فالمحرم هناك إنما هو تفويتُ المالِيّة على المالك، لا إزهاقُ الروح.

وقد اختُلف في الذَّبْح بآلة مغصوبة، وفيه عن أحمد روايتان، واختلف العلماءُ في ذبح المغصوب وقد نص أحمد على أنه ذَكِي، وفيه حديث رافع بن خَديج في ذبح الغنم المنهوبة (١)، والحديث الآخر في المرأة التي أضافت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذبحت له شاةً أخذتها بدون إذن أهلها، فقال: «أطعموها الأُسارى» (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٥٠٧)، ومسلم (١٩٦٨).
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٩٣ ـ ٢٩٤)، وأبو داود (٣٣٣٤)، والطحاوي في شرح المعاني (٥٩٣١)، والدارقطني (٤/ ٢٨٥، ٢٨٦)، والبيهقي في الكبرى (٥/ ٣٣٥، ٦/ ٩٧)، وغيرهم من طرق عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار، وفي رواية: عن رجل من مزينة، قال ابن عبد الهادي في التنقيح (٣/ ٥١): «هذا الحديث عليه جلالة الصدق»، وصحّح إسنادَه الزيلعيّ في نصب الراية (٤/ ١٦٨)، وحسّنه الذهبي في المهذب (٥/ ٢٢٢٧)، والعراقي في المغني (١٧١٧)، وقواه ابن حجر في الفتح (٩/ ٦٣٣)، وهو في السلسلة الصحيحة (٧٥٤). ورواه الطبراني في الأوسط (١٦٠٢) من طريق أبي يوسف عن أبي حنيفة عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى، وقد أُعلَّ.