للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طردته وأغلقت بابها عنه. لمّا أعطانا الله تعالى المال والولد آمنا به، وإذا قبض الذي له منا نكفُرُ به؟ إن أقامني الله تعالى من مرضي لأجلدنك مئة. فأفتاه الله سبحانه بما أخبر به: أن يأخذ ضِغْثًا وهو الحُزْمَة من الشيء، مثل الشماريخ الرّطبة والعيدان ونحوها مما هو قائم على ساق، فيضربها ضربة واحدة.

وهذا تعليم منه سبحانه لعباده التخلُّص من الآثام، والمخرج من الحرج بأيّ (١) شيء، وهذا أصلنا في باب الحيل؛ فإنا قسنا على هذا، وجعلناه أصلًا.

قالوا: وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى التخلّص من صريح الربا، بأن يبيع التمْر بدراهم، ثم يشتري بتلك الدراهم تمرًا:

فروى أبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، قال: جاء بلال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ بَرْنِي، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أين هذا؟»، قال: كان عندنا تَمْرٌ رديءٌ، فبعتُ منه صاعين بصاعٍ ليَطْعَم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: «أوّهْ! عينُ الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبِعِ التمرَ ببيعٍ آخر، ثم اشترِ به». متفق عليه (٢).

وفي لفظ آخر: «بعِ الجَمْعَ بالدراهم، ثم اشتر بالدراهم جَنِيبًا».

والجمع والجنيب: نوعان من التمر.

وفي لفظ لمسلم: «بِعْهُ بسلعةٍ، ثم ابتعْ بسلعتك أيّ التمرِ شئت».


(١) في بعض النسخ: «بأيسر».
(٢) البخاري (٢٣١٢)، ومسلم (١٥٩٤).