للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونظائر ذلك كثيرة.

وكذلك المكر: ينقسم إلى محمود ومذموم؛ فإن حقيقته إظهارُ أمر وإخفاء خلافه ليتوصل به إلى مراده.

فمن المحمود: مكره تعالى بأهل المكر، مقابلةً لهم بفعلهم، وجزاءً لهم بجنس عملهم، قال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: ٣٠]، وقال تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل: ٥٠].

وكذلك الكَيْدُ: ينقسم إلى نوعين، قال تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: ١٨٣]، وقال: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: ٧٦]، وقال: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: ١٥، ١٦].

فصل

إذا عُرف ذلك: فلا إشكال أنه يجوز للإنسان أن يُظْهِر قولًا أو فعلًا، مقصودُه به [٨٦ أ] مقصودٌ صالح، وإن كان ظاهرُه خلاف ما قصد به، إذا كانت فيه مصلحة دينية، مثل دَفْع الظلم عن نفسه، أو غيره، أو إبطال حِيلةٍ محرمة.

وإنما المحرّم: أن يقصد بالعقود الشرعية غير ما شرعها الله ورسوله له، فيصير مخادعًا لله، كائدًا لدينه، ماكرًا بشَرْعه، فإن مقصودَه حصولُ الشيء الذي حرمه الله تعالى ورسوله بتلك الحيلة، وإسقاط الذي أوجبه بتلك الحيلة.