للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بطن، وأن كونه وقفًا على البطن الثاني مشروط بانقضاء الأول، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون عند شروطهم» (١).

والقياس الصحيح يقتضي صحة تعليقه؛ فإنه أشبه بالعتق منه بالتمليك، ولهذا لا يشترط فيه القبول إذا كان على جهةٍ اتفاقًا.

وكذلك إذا كان على آدميٍّ معين، في أقوى الوجهين، وما ذاك إلا لشَبَهه بالعتق.

والمقصود: أن تعليق الإبراء بالشرط أولى من ذلك كله، فمَنْعُه مخالفٌ لموجب الدليل والمذهب.

ويقال ثانيًا: لا يلزم من بُطلان تعليق الهبة بطلانُ تعليق الإبراء، بل


(١) علّقه مجزومًا به البخاري في كتاب الإجارة، باب: أجر السمسرة، ووصله أبو داود (٣٥٩٦)، والطحاوي في شرح المعاني (٥٤٠٨)، وابن عدي في الكامل (٦/ ٦٨)، والدارقطني (٣/ ٢٧)، والحاكم (٢٣٠٩)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٧٩، ١٦٦، ٢٤٩)، وغيرهم من حديث أبي هريرة، وصححه ابن الجارود (٦٣٧، ١٠٠١)، وابن قدامة في الكافي (٢/ ٢١٣)، وابن دقيق العيد في الإلمام (١٠٤٤)، قال النووي في المجموع (٩/ ٣٧٦): «إسناده حسن أو صحيح»، وقال ابن تيمية كما في المجموع (٢٩/ ١٤٧): «أسانيده وإن كان الواحد منها ضعيفا فاجتماعها من طرق يشدّ بعضها بعضًا»، وصحّحه المصنف في الفروسية (ص ١٦٤)، وحسنه ابن كثير في إرشاد الفقيه (٢/ ٥٤)، وقال ابن حجر في التغليق (٣/ ٢٨١): «رُوي من حديث أبي هريرة وعمرو بن عوف وأنس بن مالك ورافع بن خديج وعبد الله بن عمر وغيرهم، وكلّها فيها مقال، لكن حديث أبي هريرة أمثلها»، وصححه الألباني في الإرواء (١٣٠٣)، وقد أبعد من بالغ وزعم أنه مكذوب.