للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلح بين المسلمين (١) جائز، إلا صلحًا أحلّ حرامًا أو حرّم حلالًا» (٢).

وأما القياس: فإن المدّعَى عليه يفتدي مُطالبتَه باليمين وإقامة البَيّنة وتوابع ذلك بشيء من ماله يبذله، ليتخلص من الدعوى ولوازمها، وذلك غرضٌ صحيح، مقصود عند العقلاء، وغاية ما يُقدّر أن يكون المدّعي كاذبًا، فهو يتخلّص من تحليفه له، وتعريضه للنكول، فيقضى عليه به، أو تُرد اليمين، بل عند الخِرَقي: لا يصحّ الصلح إلا على الإنكار، ولا يصح مع الإقرار، قال: لأنه يكون هضمًا للحق.

فإذا صالحه مع الإنكار، فخاف أن يرفعه إلى حاكمٍ يُبطلُ الصلح فالحيلة في تخليصه من ذلك: أن يصالحَ أجنبي عن المنكر على مال، ويُقرّ الأجنبيّ لهذا المدّعي بما ادعاه على غريمه، ثم يصالحه مِن دعواه على مالٍ،


(١) في بعض النسخ: «الناس».
(٢) رواه أحمد (٢/ ٣٦٦)، وأبو داود (٣٥٩٦) واللفظ له، وابن عدي في الكامل (٦/ ٦٨)، والدارقطني (٣/ ٢٧)، والحاكم (٢٣٠٩، ٧٠٥٨)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٦٣، ٦٤)، وغيرهم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة، وصححه ابن الجارود (٦٣٨، ١٠٠١)، وابن حبان (٥٠٩١)، وابن دقيق في الإلمام (١٠٤٢)، قال الذهبي: «كثير ضعفه النسائي ومشاه غيره»، وحسّن إسناده ابن كثير في إرشاد الفقيه (٢/ ٥٤)، وصحّحه الألباني في الإرواء (١٣٠٣). ورواه الدارقطني (٣/ ٢٧) عن عبد الله بن الحسين عن عفان عن حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة، وصححه الحاكم (٢٣١٣)، وتبعه ابن دقيق العيد (١٠٤١)، وتعقبه الذهبي بقول ابن حبان في عبد الله: «يسرق الحديث»، وبمثل ذلك أعلّه ابن القيم في التهذيب (٩/ ٣٧٤)، وابن الملقن في البدر المنير (٦/ ٦٨٦)، وابن حجر في التغليق (٣/ ٢٨٢). وفي الباب عن عمرو بن عوف.