للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحمله بعضُ أصحابنا على أن المنهي عنه طحن الصُّبرة لا يُعلم كَيْلُها بقَفِيز منها؛ لأن ما عداه مجهول، فهو كبيعها إلا قَفيزًا منها، فأما إذا كانت معلومة القُفْزانِ، فقال: اطحن هذه العشرة بقفيزٍ منها صح حَبًّا ودَقيقًا: أما إذا كان حَبًّا فقد استأجره على طحنِ تسعة أقفزةٍ بقفيز حِنْطة، وأما إذا كان دقيقًا فقد شاركه في ذلك على أن العُشُرَ للعامل وتسعةَ الأعشار للآخر، فيصير شريكه بالجزء المسمى.

فإن قيل: فالشركة عندكم لا تصح بالعُروض.

قيل: بل أصح الروايتين صحّتُها.

وإن قلنا بالرواية الأخرى فإلحاق هذه بالمساقاة والمزارعة أوْلَى منها بإلحاقها بالمضاربة على العروض؛ لأن المضاربة بالعُروض تتضمن التجارة والتصرّف في رِقْبَة المال بإبداله بغيره، بخلاف هذا.

فإن قيل: دَفْعُ حَبِّهِ إلى مَنْ يطحنه بجزء منه مطحونًا، أو غَزْله إلى من يَنْسِجُه بجزء منه منسوجًا، يتضمنُ محذورين:

أحدهما: أن يكون طحنُ قَدْرِ الأجرة ونسجُه مستحقًّا على العامل بحكم الإجارة، ومستَحقًّا له بحكم كونه أجرة، وذلك [٩٨ أ] تناقض؛ فإن كونه مستحقًّا عليه يقتضي مطالبة المستأجر به، وكونه مستحقًّا له يقتضي مطالبته للمؤجر به.

الثاني: أن يكون بعض المعقود عليه هو العوضَ نفسه، وذلك ممتنع.

قيل: إنما نشأ هذا من ظَنِّ كونه إجارةً، وقد بَيّنا أنه مشاركة لا إجارة، ولو سُلّم أنه من باب المؤاجرة فلا تناقض في ذلك؛ فإن جهة الاستحقاق مختلفة، فإنه يستحق له بغير الجهة التي يستحق بها عليه، فأي محذورٍ في ذلك؟