للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقبض ما لَهُ على فلان، وأن أجعله قصاصًا بما لفلان عليّ، وأجاز أمري في ذلك، وقد قبلتُ من فلان ما جعل إليّ من ذلك، واشْهدُوا أن قد جعلت الألف درهم التي لفلان عليّ قصاصًا بالألف التي لفلانٍ موكلي عليه، فتصير الألف قصاصًا، ويتحول ما كان للرجل المتواري على هذا الوكيل: للرجل الذي وكّله.

المثال الثالث والسبعون: إذا كان لرجل على رجل مالٌ، فغاب الذي عليه المال، وأراد الرجلُ أن يُثْبت ما لَه عليه، حتى يحكم الحاكمُ عليه وهو غائب، جاز للحاكم أن يحكمَ عليه في حال غَيْبَته مع بقائه على حُجّته، في أصح المذهبين، وهو قول أحمد في الصحيح عنه، ومالك، والشافعي.

وعند أبي حنيفة: لا يجوز الحكم على الغائب.

فإذا لم يكن في الناحية إلا حاكم يَرى هذا القول، ويَخْشَى صاحبُ الحق من ضياع حَقّه:

فالحيلة: أن يجيء رجل، فيضمن لهذا الرجل الذي له المال جميعَ ما لَهُ على الرجل الغائب، ويُسميه ويَنْسبه، ويشهد على ذلك، ثم يُقدّمه إلى القاضي، فيُقرّ الضامن بالضمان، ويقول: قد ضمنت له ما لَهُ على فلان بن فلان، ولا أدري كم له عليه؟ ولا أدري: له عليه مال أم لا؟ فإن القاضي يُكلّفُ المضمون له أن يُحْضر بَيِّنَتَه على ذلك بما لَهُ على فلان، فإذا أحضر البينة؛ قَبِلَها القاضي بمحضرٍ من هذا الضمين، وحكم على الغائب، وعلى هذا الضامن بالمال بموجَب ضمانه، ويجعل القاضي هذا الضمين بالمال خصمًا على الغائب؛ لأنه قد ضمن ما عليه.