للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أراد الحيلة في تصحيح الرهن والوثيقة، وأن لا يعرّضه للبطلان؛ فالحيلة له: أن يقبضه من البائع، ثم يرهنه إياه على ثمنه بعد قبضه، فيصح الرهن، ولا يتوالَى هناك ضمانان، فإذا تلف بعد ذلك تلف من ضمان المشتري، ولا يسقُط الثمن عنه، فإن خاف البائع أن يغيب المشتري، أو يُؤَخّر فكاك الرّهْن، كتب كتابًا وأشهد فيه شهودًا، [١٠١ أ] أنه إن مضى وقتُ كذا وكذا، ولم يَفتكَّ الرهن، فقد أذن له في بيعه وقبض دينه من ثمنه، وما بقي منه فهو أمانةٌ في يده.

فإن خاف أن يُبطل هذه الوكالة مَنْ يرى أنه لا يصح تعليقها بالشرط، كتبَ في الكتاب: أنه قد وَكّله الآن، ويُعلّق تصرّفه فيه بالبيع بمجيء الوقت، فيعلقُ التصرف، ويُنَجِّز التوكيل.

فإن خاف أن يعزله الموكِّل فلا ينفذ تصرفه فيه، فالحيلة له: أن يوكّله وكالة دورية عند مَنْ يرى ذلك، فيقول: وكُلّما عزلْتُه فقد وكّلْتُه، وإن شاء أن يقول: وكّلته وكالة لا تقبل العزل، وإن شاء أن يقول: على أنّي متى عزلتُه فلا حق لي عنده ولا دعوى، وما أدَّعيه عليه من جهة كذا وكذا فدعوى باطلة، والله أعلم.

المثال الثمانون: إذا ادّعت عليه المرأة أنه لم يُنفق عليها، ولم يَكْسُها مُدّة مُقامها معه أو سنينَ كثيرة، والحِسُّ والعُرفُ يكذّبها، لم يَحِلّ للحاكم أن يسمع دعواها، ولا يطالبه بردّ الجواب؛ فإن الدعوى إذا ردّها الحِسّ والعادة المعلومة كانت كاذبة.

وفى «الصحيح» (١) عنه - صلى الله عليه وسلم -: «من ادّعى دعوى كاذبة ليتكثَّر بها لم يزده الله بها إلا قِلّةً».


(١) مسلم (١١٠) عن ثابت بن الضحاك.