للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جوابه مشكل جدًّا، ولما كان الظن المستفادُ من الشهود أقوى من الظن المستفاد من هذه الوجوه قُدِّم عليها.

ولما كان الظن المستفاد من الإقرار أقْوَى من الظن المستفاد من الشهود، قُدِّم الإقرار عليها.

ولذلك اكتفى كثيرٌ من الفقهاء بالمرّة الواحدة في الإقرار بالزنى والسرقة، لهذه القوة.

قالوا: لأن وازع المقرّ طَبْعيٌ، ووازع الشهود شرعيٌ، والوازع الطبعي أقوى من الوازع الشرعى.

وكذلك يُقبل الإقرار من المسلم، والكافر، والبر، والفاجر؛ لقيام الوازع الطبعي.

ولما كان الوازع عن الكذب على نفسه مخصوصًا بالمقرّ كان إقراره حجة قاصرة عليه وعلى من يتلقى عنه؛ لكونه فَرْعَهُ.

ولما كان الوازع الشرعي عامًّا بالنسبة [١٠٣ ب] إلى جميع الناس كان حجة عامة؛ فإن خوف الله يزعُ الشاهدَ عن الكذب في حقّ كل أحد، وكان قوله حجةً عامة لكل أحدٍ.

ولما كان وازع الكذب مختصًّا بالمقرّ قُصِر عليه، فهو خاص قويّ، والشهادة عامّة ضعيفة بالنسبة إلى الإقرار، قوية بالنسبة إلى الأيدي، وإلى ما ذكرناه من الدلالات.

ومعلوم أن الظنون لا تقع إلا بالأسباب، تُثيرها وتحركها. فمن أسبابها: الاستصحابُ، واطّراد العادة، أو كثرةُ وقوعها، أو قول الشاهد، أو شاهد الحال.