للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأغنانا بالفروسية الإيمانية، والشجاعة الإسلامية التي تأثيرُها في الغضب على أعدائه ونصرة دينه: عن الفروسية الشيطانية، التي يَبْعثُ عليها الهَوى وحَمِيَّة الجاهلية.

وأغنانا بالخلوَة الشرعية حال الاعتكاف: عن الخلوة البِدْعِيَّةِ التي يُترك لها الحج والجهاد والجمعة والجماعة.

وكذلك أغنانا بالطرق الشرعية: عن طُرق أهل المكر والاحتيال.

فلا تشتد حاجة الأمة إلى شيء إلا وفيما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يقتضي إباحته (١) وتَوسعته، بحيث لا يُحْوِجهم فيه إلى مكر واحتيال، ولا يُلزمهم الآصار والأغلال، فلا هذا من دينه ولا هذا.

كما أغنانا بالبراهين والآيات التي أرشد إليها القرآن: عن الطرق المتكلَّفة المتعَسَّفة المعقَّدة، التي باطلها أضعاف [١٠٥ أ] حقِّها، من الطرق الكلامية التي الصحيحُ منها: «كلحم جملٍ غَثٍّ، على رأس جبل وَعْرٍ، لا سهل فيُرتقى، ولا سمين فيُنتقَل» (٢).

ونحن نعلم علمًا لا نشك فيه أن الحيل التي تتضمّن تحليل ما حرّمه الله تعالى، وإسقاط ما أوجبه، لو كانت جائزة لسَنّها الله سبحانه، وندب إليها؛ لما فيها من التَّوْسِعَةِ والفَرَجَ للمكروب، والإغاثة للملهوف، كما ندب إلى الإصلاح بين الخصمين.

وقد قال المبعوث بالحنيفية السمحة - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركتُ من شيء يُقَرّبكم


(١) في الأصل: «حاجته».
(٢) جزء من حديث أم زرع الذي أخرجه البخاري (٥١٨٩)، ومسلم (٢٤٤٨) عن عائشة.