للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: الطرق الخفيَّة التي يتوصل بها إلى ما هو محرَّم في نفسه، فمتى كان المقصود بها محرَّمًا في نفسه فهي حرام باتفاق المسلمين، وصاحبها فاجر ظالم آثم.

وذلك كالتحيّل على هلاك النفوس، وأخذ الأموال المعصومة، وفسادِ ذات البَيْنِ، وحيل الشياطين على إغواء بني آدم، وحيل المخادعين بالباطل على إدحاض الحق، وإظهار الباطل في الخصومات الدينية والدنيوية، فكلُّ ما هو محرَّم في نفسه فالتوصل إليه محرَّم بالطرق الظاهرة والخفية، بل التوصل إليه بالطرق الخفية أعظم إثمًا، وأكبر عقوبة؛ فإن أذَى المخادع وشَرَّه يصل إلى المظلوم من حيثُ لا يشعر، ولا يمكنه الاحتراز عنه، ولهذا قُطع السارق دون المنتهب والمختلس.

ومن هذا: رأى مالك ومَنْ وافقه أن القاتل غِيلةً يُقتل، وإن قَتل مَنْ لا يكافئه؛ لمفسدة فعله، وعدم إمكان التحرز منه.

ومن هذا: رأى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قَطْعَ يد الزُّغلي (١)؛ لعظم ضرره على الأموال، وعدم إمكان التحرُّز منه، فهو أولى بالقطع من السارق، وقولُه قويٌّ جدًّا.


(١) لم أقف عليه بهذا النصّ، والزُغليّ هو الغاشّ، فلعلّه يقصد ما رواه ابن أبي شيبة (٥/ ٥١٩) وابن حزم في المحلى (١١/ ٣٢١) عن سعيد بن ميناء قال: كان عبد الله بن الزبير يلي صدقةَ الزبير، وكانت في بيتٍ لا يدخله أحدٌ غيره وغير جارية له، ففَقَد شيئا من المال، فقال للجارية: ما كان يدخل هذا البيت غيري وغيرك، فمن أخذ هذا المال؟ فأقرّت الجارية، فقال لي: يا سعيد، انطلق بها فاقطع يدها؛ فإنّ المال لو كان لي لم يكن عليها قطع.