للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحده؛ لأن النية والسبب وبساط (١) اليمين لا يقتضي غيره.

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى (٢). وما لم ينوِه بيمينه، أو كان السبب لا يقتضيه، لا يجوز أن يُلزَم به، مع القطع بأنه لم يُرِدْهُ، ولا خطر على باله.

وقد أفتى غير واحدٍ من الفقهاء منهم ابن عقيل وشيخنا وغيرهما، فيمن قيل له: إن امرأتك قد خرجت من بيتك، أو قد زنت بفلان، فقال: هي طالق، ثم تبيّن له أنها لم تخرج من البيت، وأن الذي رُميتْ به في بلد بعيد، لا يمكن وصوله إليها، أو أنه حين رميت به كان مَيْتًا، ونحو ذلك مما يعلم به أنها لم تَزْنِ: فإنه لا يقع عليه الطلاق؛ لأنه إنما طلقها بناءً على هذا السبب، فهو كالشرط في طلاقها.

وهذا الذي قالوه هو الذي لا يقتضي المذهب وقواعد الفقه غيره؛ فإنهم قد قالوا: لو قال لها: أنت طالق، وقال: (أردتُ: إن قمتِ)، دُيِّنَ، ولم يقع به الطلاق، فهذا مثله سواءً.

ونظير هذا ما قالوه: إن المكاتب لو أدّى إلى سيده المال، فقال: أنت حُرٌّ، فبان أن المال الذي أعطاه مستَحَقّ أو زُيوف، لم يقع العتق، وإن كان [١١١ ب] قد صرَّح به، ذكره أصحاب أحمد والشافعي؛ لأنه إنما أعتقه بناءً على سلامة العوض، ولم يسلَّم له.

وقواعد الشريعة كلها مبنية على أن الحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها.


(١) ح: «مناط».
(٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧) عن عمر بن الخطاب.