للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك ما فعله برسله كنوح، وإبراهيم، وموسى، وهود، وصالح، وشعيب على نبينا وعليهم السلام، فهو سبحانه يوصل إلى الغايات الحميدة بالأسباب التي تكرهها النفوس وتشق عليها.

كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢١٦].

ورُبَّمَا كَانَ مَكْرُوهُ النُّفُوسِ إِلَى ... مَحْبُوبِهَا سَبَبًا مَا مِثْلُهُ سَبَبُ (١)

وبالجملة، فالغايات الحميدة في خبايا الأسباب المكروهة الشاقة، كما أن الغايات المكروهة المؤلمة في خبايا الأسباب المشتهاة المستلذة. وهذا من حين خلق الله سبحانه الجنة وحَفَّها بالمكاره، والنار وحَفَّها بالشهوات (٢).

فصل

ومنها: أنه لما جَهَّزَهُم في المرة الثانية بِجَهازهم جعل السِّقاية في رَحْل أخيه. وهذا القَدْر يتضمن اتهام أخيه بأنه سارق.

وقد قيل: إنه كان (٣) بمواطأةٍ من أخيه ورضاه منه بذلك، والحق كان له، وقد أذِن فيه، وطابت نفسُه به، ودلّ على ذلك قوله تعالى: {وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا


(١) البيت للبحتري في ديوانه (١/ ١٧١). وذكره المؤلف بلا نسبة في زاد المعاد (٣/ ٣١٠)، وطريق الهجرتين (١/ ٣٤٨).
(٢) كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٦٤٨٧)، ومسلم (٢٨٢٣).
(٣) «كان» ساقطة من م.