للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإن هذا الكيد لا يتمّ إلا بفعلٍ يُقصد به غير مقصوده الشرعي، ومحالٌ أن يشرعَ الله تعالى لعبد أن يقصد بفعله ما لم يشرع الله ذلك الفعل له.

وأيضًا فإن الأمر المشروع هو عامٌّ لا يختص به شخص دون شخص، فالشيء إذا كان مباحًا لشخص كان مباحًا لكلّ من كان حاله مثل حاله، فمن احتال بحيلةٍ فقهيةٍ محرّمة أو مباحة لم يكن له اختصاصٌ بتلك الحيلة، لا بفَهْمها ولا بعِلْمها.

وإنما خاصِّيَّةُ الفقيه إذا حدثت حادثة أن يَتفطّنَ لاندراجها تحت الحكم العامِّ الذي يعلمه هو وغيره، والله سبحانه إنما كاد ليوسف عليه السلام كيدًا خاصًّا به، جزاءً له على صبره وإحسانه، وذَكَره في معرض المِنّة عليه، وهذه الأفعال التي فعلها يوسف عليه السلام والأفعالُ التي فعلها الله سبحانه له، إذا تأمَّلها اللبيب رآها لا تخرج عن نوعين:

أحدهما: إلهامُ الله سبحانه له فعلًا، كان مباحًا له أن يفعله.

الثاني: فعلٌ من الله سبحانه به، خارج عن مقدور العبد.

وكلا النوعين مباين للحيل المحرَّمة، التي يُحتال بها على إسقاط الواجبات وإباحة المحرمات.

فصل

لعلك تقول: قد أطلتَ الكلام في هذا الفصل جدًّا، وقد كان يكفي الإشارة إليه.

فيقال: بل الأمر أعظم مما ذكرنا، وهو بالإطالة أجدر، فإن بلاء الإسلام ومحنته عظمت من هاتين الطائفتين: