للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان «مَنْ أحَبّ لله، وأبْغَضَ لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان» (١).

فإن الإيمان عِلمٌ وعمل، والعمل ثَمرة العلم، وهو نوعان: عملُ القلب حُبًّا وبغضًا، ويترتب عليهما عمل الجوارح فعلًا وتركًا، وهما العطاء والمنع.

فإذا كانت هذه الأصول الأربعة لله تعالى كان صاحبها مستكمل الإيمان، وما نقص منها فكان لغير الله نَقَصَ من إيمانه بحسبه.

فصل

إذا عُرف هذا، فكل حركة في العالم العُلويّ والسُّفْليّ فسببُها المحبة والإرادة، وغايتها المحبة والإرادة.

فإن الحركات ثلاث: إرادية، وطَبْعية، وقَسْريّة.

فإن المتحرك إن كان له شعورٌ بحركته وإرادته لها فحركته إرادية.

وإن لم يكن له شعورٌ بحركته، أو له بها شعورٌ وهو غير مريد لها، فحركته إما على وَفق طبعه، أو على خلافه، فالأولى طبعية، والثانية قَسرية.

وأظهر من هذا أن يقال: مبدأ الحركة إما أن يكون أمرًا مباينًا للمتحرك، أو قوة فيه، فالأول: الحركةُ فيه قسريةٌ، والثاني: إما أن يكون له به شعور أو لا، فالأول: الحركة فيه إراديةٌ، والثاني: طبعيةٌ.

فالحركة متى لازَمَت الشعور والإرادة فهي إرادية، ومتى انتفى عنها


(١) أخرجه أبو داود (٤٦٨١) عن أبي أمامة. وفي إسناده القاسم بن عبد الرحمن، وقد تكلم فيه غير واحد. والحديث حسن بشواهده، انظر السلسلة الصحيحة (٣٨٠).