للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يومًا لا يجامع، إلى أمثال هذه الأمور التي خاطبني فيها وسألني عنها طوائف من الجند والعامة والفقراء.

قال: ومنهم من قد بلغه خلافُ بعض العلماء في وجوب الحدّ فيه، فظنّ أن ذلك خلافٌ في التحريم، ولم يعلم أن الشيء قد يكون من أعظم المُحَرَّمات كالميتة والدم ولحم الخنزير، وليس فيه حَدٌّ مقدَّرٌ.

ثم ذلك الخلافُ قد يكون قولًا (١) ضعيفًا، فيتولّد من ذلك القول الضعيف الذي هو من خطأ بعض المجتهدين، وهذا الظنّ الفاسد الذي هو خطأ بعض الجاهلين: تبديل الدِّين، وطاعة بعض الشياطين، ومعصية ربّ العالمين، فإذا انضافت الأقوال الباطلة إلى الظنون الكاذبة، وأعانتها الأهوية الغالبة، فلا تسأل عن تبديل الدين بعد ذلك، والخروج عن جملة الشريعة بالكلية.

ولما سَهُل هذا الأمر في نفوس كثير من الناس صار كثيرٌ من المماليك يتمدَّح بأنه لا يعرف غير سَيِّده، وأنه لم يطأه سواه، كما تتمدّح المرأة والأمة بأنها لا تعرف غير سيدها وزوجها. وكذلك كثيرٌ من المردان يتمدَّح بأنه لا يعرف غير خَدينه وصديقه، أو مواخيه، أو معلِّمه، وكذلك كثيرٌ من الفاعلين يتمدح بأنه عفيفٌ عما سوى خِدْنه الذي هو قرينهُ وعشيره كالزوجة، أو عمَّا سوى مملوكه الذي هو كَسُرِّيَّته.

ومنهم من يرى أن التحريم إنما هو إكراه الصبي على (٢) فعل الفاحشة، فإذا كان مختارًا راضيًا لم يكن بذلك بأسٌ، فكأن المُحَرَّم عنده من ذلك إنما


(١) «قولًا» ساقطة من م.
(٢) «على» ساقطة من م.