للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكأنّ ما كان لم يكن! فقد تلاعب الشيطان بأكثر هذا الخلق، كتلاعب الصبيان بالكُرة، وأخرج لهم أنواع الكفر والفسوق والعصيان في كل قالب.

وبالجملة فمراتب الفاحشة متفاوتةٌ بحسب مفاسدها:

فالمتخذ خِدْنًا من النساء، والمتخذة خِدنًا من الرجال: أقلّ شرًّا من المسافح والمسافحة مع كل أحد.

والمستخفي بما يرتكبه أقل إثمًا من المجاهر المُسْتَعْلِن.

والكاتم له أقلّ إثمًا من المخبر به، المحدّث للناس به، فهذا بعيدٌ من عافية الله تعالى وعفوه، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ أمتي معافًى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يستر الله تعالى عليه، ثم يُصبح يكشف سِتر الله عنه، يقول: يا فلان! فعلتُ البارحة كذا وكذا، فيبيت ربُّه يستره، ويُصبح يكشف سِتر الله عن نفسه» (١) أو كما قال.

وفي الحديث الآخر عنه - صلى الله عليه وسلم -: «من ابتُلي من هذه القاذورات بشيء فليَسْتَتِرْ بستر الله، فإنه مَنْ يُبدِ لنا صَفحته نُقِمْ عليه كتاب الله» (٢).


(١) أخرجه البخاري (٦٠٦٩)، ومسلم (٢٩٩٠) عن أبي هريرة.
(٢) رواه الطحاوي في شرح المشكل (٩١) والعقيلي في الضعفاء (٢/ ٢٤٨) والبيهقي في الكبرى (٨/ ٣٣٠) من طرق عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بنحوه مرفوعًا، وروِي عن عبد الله بن دينار مرسلا، قال الدارقطني في العلل (١٢/ ٣٨٦): «هو أشبهها بالصواب»، وصحّحه ابن السكن كما في البدر المنير (٨/ ٦١٩) وليس فيه الشطر الأخير، والحاكم (٧٦١٥، ٨١٥٨)، وحسن إسناده الذهبي في المهذب (١٣٧٢٠)، والعراقي في المغني (٢٩٨٣)، وزكريا الأنصاري في أسنى المطالب (٤/ ١٣١)، والهيتمي في الزواجر (٢/ ٧٦٢)، والشربيني في مغني المحتاج (٤/ ١٥٠)، وهو في السلسلة الصحيحة (٦٦٣). وروي عن غير عبد الله بن دينار مرسلًا، وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه.