للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبغضاء، وزوال الألفة والمحبة، وانقلابها عداوةً.

وأما صَدّه عن ذكر الله، فقلبُ العاشق ليس فيه موضعٌ لغير معشوقه، كما قيل:

مَا فِي الْفُؤَادِ لِغَيْرِ حُبِّكَ مَوْضِعٌ ... كَلاّ وَلا أَحَدٌ سِوَاكَ يَحِلُّهُ (١)

وأما صدّه عن الصلاة، فهو إن لم يَصُدّ عن صورتها وأعمالها الظاهرة فإنه يَصُدّ عن حقيقتها ومقاصدها الباطنة.

فصل

ومما يبيّن أن هذه الفواحش أصلها المحبة لغير الله تعالى، سواءً كان المطلوب المشاهدة أو المباشرة أو غير ذلك: أنها في المشركين أكثرُ منها في المخلصين، ويوجدُ فيهم منها ما لا يوجدُ مثله في المخلصين.

قال تعالى: {يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧) وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٧ ـ ٢٩]، {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٣٣].

فأخبر سبحانه أنه جعل الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون، وهو قوله:


(١) لم أجد البيت فيما بين يديّ من المصادر.