للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الخامس: أن المخلوق ليس عنده للعبد نفع ولا ضرٌّ، ولا عطاء ولا منع، ولا هدى ولا ضلال، ولا نصر ولا خِذلان، ولا خفض ولا رفع، ولا عزٌّ ولا ذلٌّ، بل الله وحده هو الذي يملك له ذلك كله، قال تعالى:

{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: ٢]، وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس: ١٠٧]، وقال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: ١٦٠]، وقال تعالى عن صاحب يس: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} [يس: ٢٣]، وقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر: ٣]، وقال تعالى: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} [الملك: ٢٠، ٢١].

فجمع سبحانه بين النصر والرزق، فإن العبد مضطرٌّ إلى من يدفع عنه عدوه بنصره (١)، ويجلب له منافعه برزقه (٢)، فلا بد له من ناصر ورازق، والله وحده هو الذي ينصر ويرزق، فهو الرزاق ذو القوة المتين، ومن كمال فطنة العبد ومعرفته أن يعلم أنه إذا مسَّه الله بسوء لم يرفعه عنه غيره، وإذا ناله


(١) في بعض النسخ: «وينصره».
(٢) في بعض النسخ: «ويرزقه».