للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنك، فقد عرف قومي أني مُغْرَم بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات الأصفر أن لا أصبر عنهن! فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).

قال ابن زيد (٢): يريد: لا تفتنّي بصباحة وجوههن.

وقال أبو العالية (٣): لا تُعَرّضني للفتنة.

وقوله تعالى: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩]، قال قتادة (٤): ما سقط فيه من الفتنة بتخلُّفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرغبة بنفسه عنه أعظمُ.

فالفتنة التي فَرّ منها بزعمه هي فتنة محبة النساء، وعدم صبره عنهن، والفتنة التي وقع فيها هي فتنة الشرك والكفر في الدنيا، والعذاب في الآخرة.

ولفظ الفتنة في كتاب الله تعالى يراد بها الامتحان الذي لم يفتتن صاحبه، بل خلص من الافتتان، ويراد بها الامتحان الذي حصل معه افتتان:


(١) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (٩٦٠٠) عن جابر بن عبد الله بنحوه. ورواه الطبراني في الكبير (٢/ ٢٧٥، ١٢/ ١٢٢)، والأوسط (٥٦٠٤)، عن ابن عباس. وروِي من أوجه متعدّدة مرسلًا. وانظر: السلسلة الصحيحة (٢٩٨٨).
(٢) لم أقف عليه. ونقله القرطبي (٨/ ١٥٨) عن محمد بن إسحاق.
(٣) ذكره الواحدي في البسيط (١٠/ ٤٧٨).
(٤) لم أقف عليه من كلام قتادة، وروى البيهقي في الدلائل (٥/ ٢١٣،٢١٤) ــ ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٢/ ٣٢،٣٣) ــ من طريق ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ... فذكرا قصة الجد بن قيس، ثم قالا: فأنزل الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}، يقول: ما وقع فيه من الفتنة بتخلّفه عن رسول الله ورغبته بنفسه عن نفسه أعظم مما يخاف من فتنة نساء بني الأصفر. وانظر تفسير الطبري (١١/ ٤٩٢).