للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: ١١] هؤلاء، وقالوا لنوح: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: ١١١].

قال تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا} [الأنعام: ٥٣]، فإذا رأى الشريفُ الرئيسُ المسكينَ الذليلَ قد سبقه إلى الإيمان ومتابعة الرسول حَمِيَ وأنِفَ أن يُسْلم فيكون مثله، وقال: أُسلم فأكون أنا وهذا الوضيع على حدٍّ سواء!

قال الزَّجَّاج (١): كان الرجلُ الشريف رُبّما أراد الإسلام، فيمتنع منه لئلا يقالَ: أسلم قبله مَنْ هو دونه، فيقيمُ على كفره، لئلا يكون للمسلم السابقةُ عليه في الفضل.

ومِنْ كون بعض الناس لبعضهم فتنةً أن الفقير يقول: لِمَ لَمْ أكنْ مثل الغني؟ ويقول الضعيف: هلَّا كنتُ مثل القوي؟ ويقول المبتلَى: هلّا كنتُ مثل المعافى؟ وقال الكفار: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} [الأنعام: ١٢٤].

قال مُقاتل (٢): نزلت في افتتانِ المشركين بفقراء المهاجرين نحو بلالٍ، وخَبّابٍ، وصُهيبٍ، وأبى ذَرٍّ، وابن مسعود، وعَمّارٍ؛ كان كُفار قريشٍ يقولون: انظروا إلى هؤلاء الذين اتبعوا محمدًا من موالينا [١٢٨ أ] وأراذلنا!

قال تعالى: {إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا


(١) معاني القرآن (٤/ ٦٢).
(٢) انظر: تفسير مقاتل (١/ ٣٤٨، ٢/ ٤٣٣).