للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [الذاريات: ١٣، ١٤]، فالنار فتنةُ مَنْ لم يصبر على فتنة الدنيا، قال تعالى في شجرة الزقوم: {إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ} [الصافات: ٦٣].

قال قتادة (١): لمَّا ذكر الله تعالى هذه الشجرة افتتنَ بها الظَّلمةُ، فقالوا: يكون في النار شجرةٌ والنار تأكل الشجر؟ فأنزل الله عز وجل: {إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ} [الصافات: ٦٤]، فأخبرهم أن غِذاءها من النار، أي: غُذَيِت بالنار.

قال ابن قتيبة (٢): قد تكون شجرةُ الزقوم نبتًا من النار، ومن جَوْهرٍ لا تأكله النار، وكذلك سلاسل النار وأغلالها وأنكالها، وعقاربها وحيّاتها، ولو كانت على ما نعلم لم تَبْقَ على النار، وإنما دلَّنا الله على الغائب عنده بالحاضر عندنا، فالأسماءُ مُتفقةٌ للدّلالة، والمعاني مختلفةٌ، وما في الجنة من ثمرها وفُرُشها وشجرها وجميع آلاتها على مثل ذلك.

والمقصود أن هذه الشجرة فتنةٌ لهم في الدنيا بتكذيبهم بها، وفتنة لهم في الآخرة بأكلهم منها.

وكذلك إخباره سبحانه بأن عِدّة الملائكة الموكّلين بالنار تسعة عشر كان فتنةً للكفار، حيث قال عدوّ الله أبو جهل (٣) عليه لعنة الله: أيُخَوّفكم


(١) رواه الطبري في تفسيره (١٧/ ٤٨٦، ٢١/ ٥٢)، وعزاه في الدر المنثور (٧/ ٩٥) لعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٢) تأويل مشكل القرآن (ص ٧٠).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٤/ ٢٨) من طريق عطية العوفي عن ابن عباس بنحوه، ورواه عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٣٢٩) والطبري (٢٤/ ٢٨، ٢٩) عن قتادة بمعناه مرسلًا.