للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضعف الإيمان واليقين، وضعف القلب، ومرارة الصبر، وذَوْقُ حلاوة العاجل، وميل النفس إلى زهرة الحياة الدنيا، وكون العِوض مؤجّلًا في دار أخرى غير هذه الدار التي منها خلق، وفيها نشأ، فهو مكلفٌ بأن يترك شهوته الحاضرة المشاهدة لغيبٍ طُلب منه الإيمان به:

فَوَ اللّهِ لَوْلا اللهُ يُسْعِدُ عَبْدَهُ ... بِتَوْفِيقِه وَاللهُ بِالْعَبْدِ أَرْحَمُ

لَمَا ثَبَتَ الإيمَانُ يَوْمًا بِقَلْبِهِ ... عَلَى هذِه العِلاّتِ وَالأَمْرُ أَعْظَمُ

وَلا طَاوَعَتْهُ النّفْسُ في تَرْكِ شَهْوَةٍ ... مَخَافَةَ نَارٍ جَمْرُها يَتَضَرَّمُ

ولا خاف يومًا من مقامِ إلاهه ... عليه بحكمِ القسطِ إذ ليس يظلم

فصل

والفتنة نوعان: فتنةُ الشبهات وهى أعظم الفتنتين، وفتنة الشهوات.

وقد يجتمعان للعبدِ، وقد ينفردُ بإحداهما:

ففتنة الشبهات: من ضعفِ البصيرة، وقلة العلم، ولاسِيَّما إذا اقترن بذلك فسادُ القصد، وحصولُ الهوى، فهنالك الفتنةُ العظمى، والمصيبةُ الكبرى، فقُلْ ما شئت في ضلال سيِّئ القصد، الحاكم عليه الهوى لا الهُدَى، مع ضعف بصيرته، وقلة علمه بما بعث الله به رسوله، فهو من الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم: ٢٣].

وقد أخبر الله سبحانه أن اتباع الهوى يُضلّ عن سبيل الله، فقال: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} [ص: ٢٦].