للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعبدي مالًا، إذا كان عبدي في طاعتي أعطيه قبل أن يسألني، وأستجيب له قبل أن يدعوني، فأنا أعلم بحاجته التي ترفُق به منه».

قال أحمد (١): وحدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا أبو سعيد المؤدِّب، حدثنا من سمع عطاءً الخراساني، قال: لقيت وهب بن مُنَبِّه وهو يطوف بالبيت، فقلت له: حدِّثني حديثًا أحفظه عنك في مقامي هذا، وأوجِزْ، قال: نعم، أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام: «يا داود! أما وعزتي وعظمتي لا يعتصم بي عبد من عبادي دون خلقي، أعرف ذلك من نيَّته، فتكيده السماوات السبع ومن فيهنّ، والأرضون السبع ومن فيهن، إلا جعلت له من بينهن مخرجًا، أما وعزّتي وعظمتي لا يعتصم مني عبد من عبادي بمخلوق دوني، أعرف ذلك [١٠ ب] من نيته؛ إلا قطعتُ أسباب السماء من يده، وأسَخْتُ الأرضَ من تحت قدميه، ثم لا أبالي بأي وادٍ هلك».

وهذا الوجه أظهر للعامة من الذي قبله، ولهذا خوطبوا به في القرآن أكثر من الأول، ومنه دعت الرسل إلى الوجه الأول، وإذا تدبر اللبيب القرآن وجد الله سبحانه يدعو عباده بهذا الوجه إلى الوجه الأول، وهذا الوجه يقتضى التوكل على الله والاستعانة به، ودعاءه ومسألته دون ما سواه، ويقتضي أيضًا محبته وعبادته، لإحسانه إلى عبده، وإسباغ نعمه عليه، فإذا عبدوه وأحبوه وتوكلوا عليه من هذا الوجه دخلوا منه إلى الوجه الأول.

ونظير ذلك من ينزل به بلاء عظيم، أو فاقة شديدة، أو خوف مُقِلقٌ، فجعل يدعو الله سبحانه ويتضرع إليه، حتى فتح له من لذيذ مناجاته، وعظيم


(١) لم أقف عليه بهذا الإسناد، ورواه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٢٥ ـ ٢٦) من طريق سعيد ابن سليمان عن فرج بن فضالة عن عطاء الخراساني به.