للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك الهُدى، فالقرآن هدًى بالفعل لمن اهْتدَى به، وبالقوّة لمن لم يَهْتَد به، فإنما يهتدي به ويُرْحَم ويَتّعِظُ المتقون الموقنون.

والهدَى في الأصل: مصدرُ هَدَى يهدي هُدًى.

فمن لم يعمل بعلمه لم يكن مُهْتديًا، كما في الأثر: «من ازداد علمًا، ولم يزدد هُدًى لم يزدَدْ من الله تعالى إلا بعدًا» (١).

ولكن يسمَّى هُدًى لأن مِنْ شأنه أن يهدي.

وهذا أحسنُ من قول من قال: إنه هُدًى، بمعنى هادٍ، فهو مَصْدرٌ بمعنى الفاعل، كعَدْل بمعنى العادل، وزَوْر بمعنى الزائر، ورجُل صَوْمٌ أي: صائم!

فإن الله سبحانه قد أخبر أنه يهدي به، فالله الهادي، وكتابه الهُدَى الذي يهدي به على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

فهاهنا ثلاثةُ أشياء: فاعلٌ، وقابلٌ، وآلةٌ. فالفاعل: هو الله تعالى، والقابل: قلبُ العبد، والآلة: هو الذي يحصل به الهدى، وهو الكتاب المنزّل، والله سبحانه يهدي خلقَه هُدًى، كما يقال: دَلَّهم دلالة، وأرشدهم إرشادًا، وبيّن لهم بيانًا.


(١) ذكره السبكي في طبقاته (٦/ ٢٨٩) في أحاديث الإحياء التي لم يجد لها إسنادًا، وقال العراقي في المغني (١٤٠): «رواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث علي بإسناد ضعيف»، وضعفه الفتني في التذكرة (ص ٢٤)، والشوكاني في الفوائد المجموعة (٥٦)، وخرجه الألباني في السلسلة الضعيفة (٤٥٤١) من حديث أنس وقال: «ضعيف جدًّا». ورُوي نحوه من كلام بشر بن الحارث عند الدينوري في المجالسة (١٢٨٧).