للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى العقل الثابت = أولى بعدم وقوع طلاقه من الهازل المتلفِّظ بالطلاق في حال عقله وإن لم يُرِدْهُ بقلبه.

وقد ألغى طلاقَ الهازل بعضُ الفقهاء، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، حكاها أبو بكر عبد العزيز وغيره (١)، وبه يقول بعض أصحاب مالك إذا قام دليلُ الهزل، فلم يَلْزَمْهُ عتقٌ ولا نكاحٌ ولا طلاق (٢)؛ ولا ريب أن الغضبان أولى بعدم وقوع طلاقه من هذا.

الوجه السادس عشر: أن جماعة من أصحابنا لم يشترطوا في المجنون والمُبَرْسَمِ أن لا يكون ذاكرًا لطلاقه، وإن كان ظاهرُ نصِّ أحمد أنه متى ذَكَر الطلاق لَزِمَه؛ فإنه قال في رواية أبي طالبٍ في المجنون يُطَلِّق، فقيل له لمَّا أفاق: إنك طَلَّقْتَ امرأتك، فقال: أنا ذاكر أني طلَّقْتُ ولم يكن عقلي معي = فقال: إذا كان يَذْكرُ أنه طلَّق فقد طَلُقَتْ.

قال أبو محمد المقدسي: "وهذا هو المنقول عن الإمام أحمد فيمن كان جنونُه بذهابِ معرفته بالكلية، وبطلان حواسِّه، فأمَّا من كان جنونه لِنَشافٍ، أو كان مُبَرْسَمًا، فإنَّ ذلك يُسْقِط حكم تصرُّفِه، مع أنَّ معرفته غيرُ ذاهبةٍ بالكلية، فلا يضرُّه ذِكرُ الطلاق إن شاء الله" انتهى


(١) لم أقف على من نقلها. وانظر: "إبطال التحليل" (١٤٤)، و "المغني" (١٠/ ٣٧٢ - ٣٧٣)، و"الإنصاف" (٨/ ٤٦٥).
(٢) انظر: "عقد الجواهر الثمينة" (٢/ ١٧٥)، و"التاج والإكليل" (٤/ ٤٤). وتأمَّلْ: "البيان والتحصيل" (٥/ ١٣٥، ٣٢٣)، و (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>