للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما علم يوسف عليه الصلاة والسلام بالتعبير للرؤيا , فإنّ نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - كان أعلم خلق الله بها وكان من شأنه أنه إذا صلى الصبح واستقبل الناس قال: «هل رأى أحد منكم رؤيا» فيقصّها ويخبره بالجواب (١) , وكان أوّل ما بدئ به من الوحي الرؤيا الصالحة فكان

لايرى (٢) رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصّبح (٣) , ورأى منامات كثيرةً فعبّرها فوقعت كما عبّرها , كما عبَر في رؤياه السوارين من الذهب بكذّابين يخرجان بعدَه فكان كذلك خرج الأسوَدُ (٤) العنسي ومسيلمة الكذّاب (٥) , وكذلك رُؤياه البقر التي رآها تُنحَرُ فكان ما عَبره بأن نفراً من أصحابه يُقتلون فكان كذلك (٦) , وهكذا رؤياه في السيف الذي هزّه في


(١) أخرج البخاري (٢/ ١٠٠) , في كتاب الجنائز , باب ما قيل في أولاد المشركين , ح ١٣٨٦ , من طريق سمرة بن جندب , قال "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه فقال: «من رأي منكم الليلة رؤيا» قال: فإن رأى أحد قصّضها , فيقول: «ما شاء الله» , فسألنا يوماً فقال: «هل رأى أحد منكم رؤيا» ... "؛ وأخرج مسلم (٤/ ١٧٧٨) , كتاب الرؤيا , باب في تأويل الرؤيا , ح ٢٢٦٩ , من طريق ابن عباس رضي الله عنهما: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مما يقول لأصحابه: «من رأى منكم رؤيا فليقصها أعبرها له» , فجاء رجل فقال ... ".
(٢) في ب "رأى" , وهو خطأ.
(٣) أخرج البخاري (٦/ ١٧٣) , في كتاب تفسير القرآن , باب {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضُّحى: ٣] , ح ٤٩٥٣ , ومسلم (١/ ١٣٩) , في كتاب الإيمان , باب بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ح ١٦٠ , من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) في ب "أسود".
(٥) أخرج البخاري (٤/ ٢٠٣) , في كتاب المناقب , باب علامات النبوة في الإسلام , ح ٣٦٢٠ , ومسلم (٤/ ١٧٨١) , في كتاب الرؤيا , باب رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - , ح ٢٢٧٤ , من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينما أنا نائم , رأيت في يدي سوارين من ذهب , فأهمني شأنهما , فأوحي إليَّ في المنام: أن انفخهما , فنفختهما فطارا , فأولتهما كذابين يخرجان بعدي فكان أحدهما العنسي , والآخر مسيلمة الكذاب صحاب اليمامة» واللفظ للبخاري.
(٦) أخرج أحمد في المسند (٤/ ٢٥٩) ح ٢٤٤٥ , من طريق عبدالله بن عباس رضي الله عنهما , بلفظ: "وهو الذي رأى الرؤيا يوم أحد فقال: «رأيت في سيفي ذي الفقار فلًّا , فأولته , فلًّا يكون فيكم , ورأيت أني مردف كبشاً , فأولته: كبش الكتيبة , ورأيت أني في درع حصينة , فأولتها: المدينة , ورأيت بقراً تُذبح , فبقرٌ والله خير , فبقرٌ والله خير» فكان الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "؛ قال الألباني: "صحيح". صحيح الجامع الصغير (١٣/ ١٦١) ح ٥٧٨٩؛ وأخرجه النسائي في السنن الكبرى (٧/ ١١٥) , كتاب التعبير , باب الرؤيا , ح ٧٦٠٠ , من طريق جابر بن عبدالله , بلفظ: "استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس يوم أحد فقال: «إني رأيت فيما يرى النائم كأني لفي درع حصينة وكأن بقراً تنحر وتباع ففسرت الدرع المدينة , والبقر نفراً والله خير ... ».

<<  <   >  >>