للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينصف أيضًا نفسه فلا يوقعها في قبيح أصلًا. وأما بذلُ السلام للعالم، فمعناه لجميع النّاس، فيتضمن أن لا يتكبر على أحد، وأن لا يكون بينه وبين أحد جفاء يمتنع بسببه من السلام عليه بسببه. وأما الإنفاق من الإقتار، فيقتضي كمال الوثوق بالله تعالى والتوكل عليه والشفقة على المسلمين، إلى غير ذلك، نسأل الله تعالى الكريم التوفيق لجميعه.

[باب كيفية السلام]

اعلم أن الأفضل أن يقول المسلم: السّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله

ــ

قوله: (وأما بذل السلام الخ) أي مع ما ينضم إلى ذلك من التآلف والتحاب فهو متضمن لمكارم الأخلاق من التواضع وعدم الاحتقار والتآلف والتحاب. قوله: (وأما الإنفاق) أي الشامل للواجب من نفقة الزوجة والمملوك والأصل والفرع بشرطه والمندوب من إقراء الضيف والمواساة والإيثار مع الصبر عند الفاقة والاضطرار (فذلك مع الافتقار يقتضي كمال الوثوق بالله تعالى الخ) أي ويقتضي كمال الكرم قال الشاعر:

ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك قليل

[باب كيفية السلام]

قوله: (الأفضل أن يقول المسلم الخ) أي يقول المبتدئ بالسلام (السلام عليكم الخ) بتعريف السلام كما هو الأفضل وزيادة ورحمة الله وبركاته كما هو الأكمل قال ابن القيم في بدائع الفوائد والحكمة في اقتران الرحمة والبركة بالسلام هو أن الإنسان لا سبيل له إلى الانتفاع بالحياة إلا بسلامته من الشر ومن كل ما بين حياته وعيشه وبحصول الخير له وبدوامه فبهذه الثلاث يكمل انتفاعه بالحياة فشرعت التحية متضمنة لذلك فقوله: السلام عليكم يتضمن السلامة من الشر ورحمة الله تتضمن

حصول الخير وبركاته تتضمن دوام ذلك وثباته إذ البركة كثرة الخير واستمراره، ولما كانت هذه الثلاثة مطلوبة لكل أحد وهي تتضمن لكل مطالبه وكل المطالب دونها وسائل لها وأسباب لتحصيلها جاء لفظ التحية دالًا عليها بالمطابقة تارة

<<  <  ج: ص:  >  >>