للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-ثلاثاً- قلنا: بلى يا رسول الله، قال:

الإشْرَاكُ بالله، وعُقُوقُ الوالدَيْنِ" وكان متكئاً فجلس فقال:

ــ

وأجيب بأجوبة أوضحها أن المراد الأكبر النسبي لا الحقيقي وهو يكون متعدداً والأكبر بالنسبة لبقية الكبائر أشياء متعددة أشار إليها وإلى أشباهها الشارع بقوله اتقوا الموبقات فالأكبر هنا لتعدده في الجواب يراد به الأكبر النسبي وأورد أن القتل ظلماً ونحو الزنى أعظم مما ذكر هنا ودفع بأان النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يراعي أحوال الحاضرين كما قال مرة أفضل الأعمال الصلاة ومرة أفضل الأعمال الجهاد فاختلاف الأقوال لاختلاف الأحوال. قوله: (ثلاثاً) إنما أعاد هذه الجملة ثلاثاً اهتماماً بشأن الخبر المذكور وأنه أمر له شأن ومن قال إن المراد بقوله ثلاثاً عدد الكبائر وهو حال فقد أبعد عن المرام في هذا المقام والله أعلم. قوله: (قلنا بلى يا رسول الله) بلى أي حدثنا يا رسول الله وفائدة النداء مع عدم الاحتياج إليه الإشارة إلى عظم الإذعان لرسالته المصطفوية وما ينشأ عنها من بيان الشريعة واستجلاب ما عنده من الكمالات العلية. قوله: (الإشراك باللهِ) أي الكفر به وخص الإشراك بالذكر لأنه أغلب أنواع الكفر سيما في بلاد العرب فذكره تنبيهاً على غيره. قوله: (وعقوق الوالدين) وكذا أحدهما لأن عقوق أحدهما يستلزم عقوق الآخر غالباً أو يجر إليه لأن من تجرأ على أحدهما تجرأ على الآخر وقيده في رواية الحاكم بالمسلمين فيحمل ذلك المطلق على هذا المقيد وهو من العق وهو لغة الشق والقطع وشرعاً أن يفعل به ما من شأنه أن يتأذى به تأذياً ليس بالهين في العرف لا بالنسبة للأصل بخصوصه على ما استظهره ابن حجر الهيتمي حتى لو أمر ولده بفراق حليلته أو بعدم فراقها لم تجب طاعته والمراد بالوالدين الأصلان وإن علوا ومال الزركشي الشافعي إلى إلحاق العم والخال بهما ولم يتابع عليه. قوله: (وجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أي للتنبيه على عظم شهادة الزور وسبب الاهتمام به كون قول الزور أو شهادته أسهل وقوعاً على النّاس والتهاون بهما أكثر فإن الإشراك ينبو عنه قلب المسلم والعقوق يصرف عنه الطبع السليم والعقل القويم وأما الزور فالحوامل والبواعث عليه كثيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>