للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل البلاغ، فذم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحديث ما هذا سبيله، وأمر بالتوثُّق فيما يحكيه والتثبُّت فيه، فلا يرويه حتى يكونَ معزوّاً إلى ثبت. هذا كلام الخطابي، والله أعلم.

[باب التعريض والتورية]

اعلم أن هذا الباب من أهم الأبواب، فإنه مما يكثر استعماله وتعمُّ به البلوى، فينبغي لنا أن نعتنيَ بتحقيقه، وينبغي للواقف عليه أن يتأمَّله ويعملَ به، وقد قدمنا ما في الكذب من التحريم الغليظ، وما في إطلاق اللسان من الخطر، وهذا البابُ طريق إلى السلامة من ذلك. واعلم أن التورية والتعريض معناهما: أن تطلق لفظاً هو ظاهر في معنى، وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ، لكنه خلاف ظاهره، وهذا ضرب من التغرير والخداع.

قال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على

ــ

قوله: (فذم النبي -صلى الله عليه وسلم- الخ) قال بعضهم ففي الحديث مبالغة في الاجتناب من إخبار النّاس كيلا يقع في الكذب لأن الرجل إذا كان مذموماً مع قوله زعموا أن الأمر كذا وكذا حيث أسند إلى النّاس ولم يجعله إنشاء من تلقاء نفسه ولا جزم به بل عبر بالزعم الذي هو بمعنى الادعاء والافتراء فكيف لا يكون مذموماً إذا أسند إليهم القول على وجه التحقيق أو نسب إلى نفسه من غير إسناد إلى من سمعه

منه أو كذب عليه -صلى الله عليه وسلم- والحاصل من الحديث أنه ينبغي تبديل هذه اللفظة وهذه الإضافة فأما أن يحقق الكلام فينسبه إلى قائله أو يسكت كما قال -صلى الله عليه وسلم-: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت اهـ. ورواه.

[باب التعريض والتورية]

قوله: (ويريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ) فإن كان ذلك المعنى مما وضع له اللفظ إلا أنه بعيد الفهم منه فتورية وإن لم يكن كذلك فتعريض وتقدم الفرق بين الكناية

<<  <  ج: ص:  >  >>