للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما هلك أبوه يَزدجِرد عاد إلى المنذر، وكانت الفُرس قد ملكت عليها رجلاً من غير نسل يزدجرد لِما لقوا منه، فقال له المنذر. طِبْ عيشاً، وسار إلى المدائن مع بهرام في أربعين ألفاً، فخرج إليه الأساورة، وشكوا إليه ما لقوا من أبيه، فعذرهم، وقال: لِله عليَّ لئن وليتُكم لأُصلحنَ ما أفسد.

واجتمعت الموابذةُ، وحضر الرجل الذي ولَّوه، فقال موبذ موبذان: ضعوا التاج بين أسدين ضاريين، فمَن أخذه منكما فهو أحقُّ بالمُلك. فقال بهرام: أنصفتم.

فأحضروا التاج والأسدَين، ورموه بينهما، فصاح بهرام بالرجل: أيها المتغلِّبُ على مُلكنا، دونك التاج. فقال له: أنت أولى؛ لأنك تطلب الملك بالميراث، وأنا في زي غاصب. فصاح موبذ موبذان ببهرام: بوبد بويك، فنحن برآء من دمك. فحمل على الأسدين، ووثب فصار على ظهر أحدهما، وعصر جانبيه برجليه فقتله، ثم أخذ رأس الأسد الآخر، فما زال يضرب به رأس الأسد الآخر حتى قتله، وهو يومئذٍ ابنُ عشرين سنة، فصاح به الرجل المتغلب: يا بهرام، ليَهْنِك المُلك.

ولما ملك اشتغل باللهو واللذات عن الرعية، فسار إليه خاقان ملك الترك في مئتين وخمسين ألفاً، فبيَّته بهرام ليلاً فقتله، وغنِم أمواله وعساكره، وعَظُم في عين الفرس. ثم أقام ثلاثاً وعشرين سنة وعشرة أشهر، ثم هلك.

وسبب هلاكه أنه كان مُغْرىً بالصيد، فظهر له حمار وحشٍ، فركض خلفه فوقع في جُبٍّ فيه ماء فغرق، فأُخبرت أمُّه فقصدت الجب، وأنفقت أموالاً عظيمة على الغوَّاصين، ولم يقدروا على جثته بعد أن أخرجوا كل ما في الجُب. ولم يزل مغلُّ الدَّيبُل ومَكران والسِّند يُحمل إليه حتى هلك.

[فصل]

ثم ملك بعده بهرام بن بهرام (١)، فاشتغل باللهو والصيد عن النظر في الأمور،


(١) كذا ذكر المصنف، وذكر المؤرخون أن الذي ملك بعد بهرام جور هو: يزدجرد بن بهرام جور، والقصة التي ساقها المصنف إنما جرت لبهرام بن بهرام بن هرمز، كما ذكر المسعودي في مروج الذهب ٢/ ١٦٨، ثم ملك بعد جهرام هذا: بهرام بن بهرام بن بهرام بن هرمز، ثم ملك نرسي بن بهرام. انظر المعارف ص ٦٦١، والأخبار=