للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا صورةُ ما ذكر لا غير، وسأذكر شيئًا من أحواله على وَجْه الاختصار، فإنَّ مناقبه أكثر من أن تحصر، فأقول: هو سَيِّدُنا شيخ الإسلام، تاجُ العارفين، محيي الدِّين، أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح موسى بن عبد الله بن يحيى الزَّاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب أجمعين - الهاشمي العَلَوي الحَسَني الجِيلي الحَنْبلي؛ سِبْط أبي عبد الله الصَّوْمعي الزاهد، وبه كان يعرف حيث كان بجِيلان، وأمه أم الخير أَمَة الجبَّار فاطمة بنت أبي عبد الله الصَّومعي، وكان لها حَظٌّ وافرٌ من الخير والصَّلاح.

ولد سنةَ سبعين وأربع مئة، قال ولده عبدُ الرَّزَّاق: سألتُ والدي عن مولده، فقال: لا أعلمه حقيقةً، لكني قَدِمْتُ بغداد في السَّنة التي مات فيها التَّميمي، وعمري إذ ذاك ثماني عشر سنة، والتميمي توفي سنة ثمانٍ وثمانين وأربع مئة.

وقال أبو سَعْد الهاشمي الجِيلي، وأم الخير سعدى بنت أبي البَسَّام الجيلية: كان لأُمِّ الخير أَمَة الجَبَّار أُم الشيخ عبد القادر قَدَمٌ في هذا الأمر، وسمعناها تقول غير مرَّة: لما وضعتُ ابني عبد القادر كان لا يرضع ثديه في نهار شهر رمضان، وغُمَّ على النَّاس هلالُ شهر رمضان، فأتوني وسألوني عنه، فقلتُ: لم يلقم اليوم ثديًا، ثم اتَّضح أنَّ ذلك اليوم كان من رمضان، واشتَهر ببلدنا في ذلك الوقت أنه وُلدَ للأشراف ولدٌ لا يرضع في نهار رمضان.

وقال الشيخ الإمام موفق الدِّين : كان شيخُنا محيي الدِّين عبد القادر ، نحيفَ البدن، رَبْعَ القامة، عريضَ الصَّدْر واللِّحية، طويلها، أسمر، مقرون الحاجبين، حفيًّا، ذا صوتٍ جَهْوَرِي، وسَمْتٍ بهيٍّ، وقَدْبىرٍ عليٍّ، وعِلْمٍ وفيٍّ، .

وقال إبراهيم بن سعيد الدَّاري: كان شيخُنا عبد القادر يَلْبَسُ لباس العلماء، ويتطيلس، ويركب البغلة، وتُرفع الغاشية بين يديه، ويتكلَّم على كُرْسي عالٍ، وكان في كلامه سرعة وجَهْر، وله كلمةٌ مسموعة، إذا قال أُنْصِتَ له، وإذا أمر ابْتُدِر لأمره، وإذا رآه ذو القلب القاسي خَشَع، وإذا مرَّ إلى الجامع يوم الجمعة وقف النَّاس في الأسواق يسألون الله تعالى به حوائجهم، وكان له صيتٌ وصوت، وسَمْت وصمت، ولقد عَطَسَ