للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسئل عن الفَرْق بين التعزُّز والتكبُّر، فقال: التعزُّز ما كان لله وفي الله، ويفيد ذُلَّ النَّفْس، وارتفاع الهِمَّة إلى الله ﷿. والتَّكبُّرُ ما كان للنَّفْس، وفي الهوى، ويفيد هيجان الطَّبع وقهقرة الإرادة عن الله ﷿، والكِبْر الطَّبيعي أسهل من الكبر المكتسب.

وسئل عن الشُّكْر، فقال: حقيقةُ الشكر الاعترافُ بنعمة المُنْعم على وَجْه الخضوع، ومشاهدةُ المِنَّة وحفظُ الحُرْمة على وَجْه معرفة العجز عن الشكر، وينقسم أقسامًا:

شكر باللِّسان: وهو الاعتراف بالنعمة بنعت الاستكانة.

وشكر بالأركان: وهو الإنصاف بالخدمة، والوقار.

وشكر بالقلب: وهو الاعتكاف على بساط الشهود بإدامة حفظ الحُرمة، ثمَّ التَّرقِّي بعد حضور هذه المشاهدة إلى الغيبة في رؤية المنعم عن رؤية النِّعمة. والشاكر الذي يشكر على الموجود، والشَّكور الذي يشكر على المفقود. والحامد الذي يشهد مع المنع عطاء، والضُّرّ نفعًا، ثمَّ يستوي عنده الوصفان، والحمد الذي يستنفد المحامد شهود الكمال بوصف الجمال، ونعت الجلال بعين المعرفة على بساط القُرْب.

وسئل عن الصبر، فقال: هو الوقوف مع البلاء بحُسْنِ الأدب، والثَّبات مع الله ﷿، وتلقي أمر أقضيته بالرُّحْب والسَّعَة على أحكام الكتاب والسُّنَّة، وينقسم أقسامًا: صبر لله، وهو الثَّبات على أداء أمره، وانتهاء نهيه. وصبر مع الله: وهو السُّكون تحت جريان قضائه وفعله فيك، وإظهار الغِنى مع حلول الفقر من غير تعبيس. وصبر على الله: وهو الرُّكون إلى وَعْده في كلِّ شيء، والسير من الدنيا إلى الآخرة سهل على المؤمن، وهِجْران الخَلْق في جَنْبِ الحقِّ شديد، والمسير من النَّفس إلى الله أشدّ، والصَّبر مع الله أشد، والفقيرُ الصَّابر أفضل من الغنيِّ الشَّاكر، والفقير الشَّاكر أفضل منهما، والفقير الصَّابر الشاكر أفضل منهم، وما خطب البلاء إلا مَنْ عرف المبتلي.

وسُئِلَ عن حُسن الخُلُق، فقال: هو أن [لا] يؤثر فيك جفاءُ الخَلْق بعد مطالعتك الحق (١)، واستصغار نفسك وما منها معرفةً بعيوبها، واستعظام الخلق وما منهم نظرًا إلى ما أُودعوا من الحِكَم والإيمان، وهو أفضلُ مناقب العبد، وبه تظهر جواهر الرجال.


(١) في (ح): هو أن يؤثر فيك خفاء الحق، والمثبت من "الغنية": ٢/ ١٩٢، وما بين حاصرتين منه.