للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيروز، فروي أنه لما هرب من أخيه (١) بسبب نسبته إلى الزندقة، ومضى إلى بلاد الترك، نزل على دهقان فتزوج ابنته، فأولدها أنوشروان، فلما قدم المدائن وملك تيمن بطلعة أنوشروان.

قالوا: وقباذ بنى مدينة أَرّجان، وأقام في الملك أربعاً وأربعين سنة ومات بالمدائن، فعهد إلى ابنه أنوشروان. وقيل: أشارت عليه المَزْدَكِيَّة بقتل مَن خالفه، فشرع في ذلك، فاجتمعت الفرسُ على قتله، فانهزم إلى ملك الهياطلة فمات عنده. وكان ولده أنوشروان بالمدائن، فملكوه بعده لما رأوا من نجابته وحسن سيرته.

[فصل]

فلما ملك أحسن السيرة، ومهَّد الممالك، وأحسن إلى الموابذة والأساورة والخاص والعام، وشرع في قتل المَزْدَكيَّة فأفناهم، فعَظُم في عين الفرس. وكان مولده بناحية نَيْسابور، ولما ترعرع كانت مخايل الملك لائحةً عليه.

وفي أيامه وُلد رسول الله ﷺ، وسلك أنوشروان سيرة أَردَشير بق بابك، وجدَّد في الإيوان.

وروي أنه كان جالساً في الإيوان، فرأى على جانب البساط وردةً، فقال لبعض غِلمانه: ناولْني تلك الوردة. فقال: ما ها هنا وردةٌ؟ قال: بلى. فقال: لا والله. فقام من حَنَقه ليأخذها، فلما خرج من الإيوان سقط سقفُه، فتصدَّق بمال جليل، وأعاد السقف إلى حاله.

وكان جالساً يوماً في الإيوان، وإذا بحيَّةٍ قد دبَّت إلى عُشِّ حمامة في بعض شُرَف الإيوان لتأكل الفراخ، فضربها ببندقةٍ فقتل الحية، وقال: هكذا نفعلُ بعدوِّ مَن استجار بنا. فلما كان بعد أيام جاءت الحمامةُ بحَبٍّ في مِنقارها وبين رجليها فألقته إليه، فقال: ازرعوه. فزرعوه فنبت ريحاناً، فقال: نِعْم ما كافأَتْنا به الحمامةُ، ولن يضيع المعروف، فنسأل الله الذي ألهم هذه الحمامة ما ألهمها، أن يُلهمَنا شكرَه، والإحسانَ إلى الرعية والصبرَ عليهم (٢).


(١) في النسخ: أبيه، وهو خطأ.
(٢) المنتظم ٢/ ١١١ - ١١٢.