للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وافترست القفول جاء فأمسك بأذنابها وقادها، فتنقاد له ذليلة، وكان أهل المغرب يستسقون به فيُسْقون، ويرجعون إليه في المعضلات فتنكشف.

وقال الشيخ أبو محمَّد الإِفريقي: جاء إلى الشيخ أبي يعزى المحتطبون يشكون إليه كثرة الأُسْد في غابةٍ يحتطبون فيها، فقال لخادمه: اذهب إلى طرف الغابة، وناد بأعلى صوتك: معاشر الأسد يأمركِ أبو يعزى أنْ ترحلي من هذه الغابة. قال: فذهب وفعل ذلك، فكانت الأُسد تُرى خارجةً من الغابة تحمل أشبالها حتى لم يبق فيها شيء منها، ولم يُر بعد ذلك فيها أسد.

وقال الشيخ شاور السبتي المحلي: صنعَ الخليفةُ ببغداد وليمةً، ودعا إليها جميع مشايخ العراق وعلمائها، فحضروا كلُّهم إلا سيدنا الشيخ محيي الدِّين عبد القادر والشيخ عدي بن مسافر والشيخ أحمد الرِّفاعي رحمة الله عليهم، فلمَّا انصرف النَّاس قال الوزير للخليفة: إنَّ الشيخ عبد القادر والشيخ عديًّا والشيخ أحمد لم يحضروا، فقال الخليفة: فكأن لم يحضر إذن أحد. ثمَّ أمر حاجبه أن يأتي إلى الشيخ عبد القادر يدعوه أن ينطلق إلى جبل الهَكَّار، وإلى أُم عبيدة ليحضر الشيخ عدي والشيخ أحمد، قال الشيخ شاور: فقال لي الشيخ عبد القادر قبل أن يقوم الحاجب من مجلس الخليفة، وقبل أن تُسَطَّر البطاقتان: يا شاور، اذهب إلى المسجد الذي بظاهر باب الحَلْبة تجد فيه الشيخ عدي بن مسافر ومعه اثنان، فادعهم لي، ثمَّ امضِ إلى مقبرة الشُّونيزي تجد فيها الشيخ أحمد الرّفاعي ومعه اثنان، فادعهم لي، قال: فذهبت إلى المسجد الذي بظاهر باب الحَلْبة، فوجدت الشيخ عديًّا ومعه اثنان، فقلتُ: يا سيدي، أحب الشيخ عبد القادر، فقال: سَمْعًا وطاعة، وقاموا، فذهبتُ معهم، فقال لي الشيخ عدي: يا شاور، ألا تذهب إلى الشيخ أحمد كما أمرك الشيخ عبد القادر (١)؟ قلتُ: بلى، فأتيت مقبرة الشُّونيزي، فوجدت الشيخ أحمد ومعه اثنان، فقلتُ: يا سيدي، أجب الشيخ عبد القادر، فقال: سمعًا وطاعة. وقاموا، فتوافى الشيخان في باب رباط الشيخ عبد القادر وقتَ المغرب، فقام إليهم الشيخ، وتلقاهم، فما لبثوا غير يسير، فجاء الحاجب إلى الشيخ، فوافاهما عنده، فأسرع إلى الخليفة، وأخبره باجتماعهم،


(١) في النسخة: عدي، وهو سبق قلم، والصواب ما أثبته، انظر صدر الخبر.