للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابسُط لهم في الرجاء، ولا تبسط لهم في العطاء (١).

وكتب أبرويز إلى ابنه شيرويه وأبرويز في الحبس: كلُّ كلمةٍ منك تسفِك دماً، وأخرى تحقن دماً، وسَخَطك سيف مسلول على من سَخِطت عليه، ورضاك بَركة مستفيضة على من رَضيتَ عنه، وإن نفاذ أمرك مع ظهور كلامك، واحترس في غضبك من قولك أن تخطئ، ومن لونك أن يَتغير، وإن الملوك تُعاقِب حَزماً (٢)، وتعفو حِلماً.

[ذكر مقتله]

وسببُه أن الناس استَوْحشوا منه لظُلمه، وسفكِه دماءَ العلماء والأساورة، وكان مسيئاً إلى ابنه شيرويه، قد نفاه إلى بابل، فبعثوا إليه واتفقوا على قتله، وكان قد عرض السجون فوجد فيها ثلاثين ألفاً من أشراف قومه، فأمر بقتلهم.

وعلم أهلُ مملكته، فأرسلوا إلى بابل، فأحضروا شيرويه، وهجموا به [على] المدائن، وأجلسوه على سرير المُلك، وحبسوا أباه أبرويز، وأرسل إليه ابنه شيرويه يؤنِّبُه، ويُوبِّخه على أفعاله، ويقول: أنا ما وثبت على الملك، وإنما جازاك اللهُ بسوء فِعالك، فتَكْتَ بأبيك هرمز، وسَمَلْتَ عينيه، وأزلْتَ مُلكه، وقتلْتَه شرَّ قتلةٍ، وأسأتَ إلى الأساورة والخواص، وظلمتَ الرعية، وبخلتَ بالمال، وحبستَ ثلاثين ألفاً من الأشراف، وأمرتَ بقتلهم، وضبطت عشرة آلاف امرأةٍ في قصرك مُكرهات مع عجزك عنهن (٣). . وعدَّد أفعالَه.

فبعث إليه أبرويز: إذا أدبر الأمرُ لم تنفع الحيل [في إقباله] وإذا أقبل أعيت الحيل في إدباره (٤).

وحبسوه أياماً، ثم اجتمعت الفرسُ إلى شيرويه وقالوا له: إما أن تقتل أباك ونحن لك مطيعون، وإما أن نُعطيه الطاعة. فأخرج أباه من دار الملك على برذون، مُقنَّعَ


(١) عيون الأخبار ١/ ١١، والعقد الفريد ١/ ٢٦.
(٢) في (ب) و (خ) وصبح الأعشى ١/ ٢٣٦: جرماً، وفي (ك): جزماً، والمثبت من عيون الأخبار ١/ ٢٨٩، والعقد الفريد ١/ ٢٧.
(٣) انظر الأخبار الطوال ص ١٠٨، وتاريخ الطبري ٢/ ٢١٩.
(٤) تاريخ الطبري ٢/ ٢٢١، والمنتظم ٣/ ٢٨٦ وما بين معكوفين منهما.