للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: [من الخفيف]

مَلِكٌ أشْبه الملائكَ فَضْلًا … وشبيه بمالكِ الأمر جُنْدُهْ

عمَّ إحسانُه فأصبحَ يُتْلى … شكره في الورى ويُدْرَسُ حَمْدُهْ

فسقى الله ذِكْرَه أينما حلَّ … ولا فاتَه من النَّصْرِ رِفْدُهْ

وقال أحمد بن منير: [من الطويل]

أيا ملكَ الدُّنيا الحُلاحل والذي … له الأرضُ دارٌ والبَرِيَّةُ أعْبُدُ

وليستْ بدعوى لا يُقام دليلُها … ولكنَّه الحقُّ الذي ليس يُجْحَدُ

أخو غَزَوَاتٍ كالعقودِ تناسَقَتْ … تَحُلُّ بأجيادِ الجيادِ وتُعْقَدُ

لسانٌ بِذِكْر الله يكسو نهارَه … بهاءً وجَفْنٌ في الدُّجى ليس يَرْقُدُ

وبَذْلٌ وعَدْلٌ اغرقا وتألَّقا … فلا الورْدُ مثمودٌ ولا البابُ مُوْصَدُ

مرامٌ سمائيُّ وحَزْمٌ مسدَّدٌ … ورأيٌّ شهابيٌّ وعَزْمٌ مؤيَّدُ

وقال ابنُ الأثير: كان مجلسُ نور الدين مثل مجلس رسول الله لا يُسمع فيه لأحدٍ كلمة إلا مفيدة، فلما ملك صلاحُ الدِّين دمشق حضر الحافظ ابنُ عساكر مجلسه، فسمع لَغَطًا كثيرًا، وكلُّ واحدٍ يتحدَّث مع الآخر، وليس للمجلس هيبة، فبكى [الحافظ] (١) وقال: يرحم الله نور الدين، لقد حضرت مجلسه مرارًا، فما سمعتُ أحدًا ينطق إلا جوابًا، فما هذا اللَّغط! وبلغ صلاح الدين فقال: إذا حضر الحافِظُ عندنا فلا يتكلَّمَنَّ أحدٌ بكلمة (٢).

ذِكْرُ ما جرى بعد وفاته:

كان ولده الملك الصَّالح لم يبلغِ الحُلُم، فأجلسوه مكانه، وحَضَرَ القاضي كمال الدين بن [الشَهْرُزُوري وشمس الدين بن المقدَّم، وجمال الدِّين] (١) ريحان -وهو أكبر الخدم- والعَدْل أبو صالح بن العَجَمي أمين الأعمال، والشيخ إسماعيل خازن بيت المال، وتحالفوا أَن تكون أيديهم واحدة، وأنَّ شمسَ الدِّين [بن المقدَّم] (١) إليه تقدمةُ العساكر، وتربيةُ الملك الصالح.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) الباهر: ١٧٢ - ١٧٣.