للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قلتُ] (١): من ها هنا أخذ القائل، ولعله أخذه من قول القائل: [من مجزوء البسيط]

هبَّتْ شمالًا فقال يا بَلَدْ … أنتَ به طاب ذلك البَلَدْ

وقَبَّلَ الرِّيحَ من صَبَابةٍ … ما قبَّل الرِّيحَ قَبْلَه أَحَدْ

يحيى بن جعفر (٢)

أبو الفَضْل، زعيم الدِّين.

صاحب مخزن المقتفي والمستنجد والمستضيء، ناب في الوزارة، وما زال يتقلَّب في الأعمال نيفًا وعشرين سنة، وكان حافظًا للقرآن، فاضلًا عادلًا، منصفًا، مُحبًّا للعلماء والصَّالحين، وداره مأوى لهم، [وكان يحبُّ جدِّي ، وكان يأذن للعوام في حضور المجلس، وله فيه مدائح كثيرة، وله على جدي فضل كثير] (١)، وسمع الحديث الكثير، وكانت وفاته في ربيع الأول، وصُلِّي عليه بجامع الخليفة، وكان يومًا مشهودًا لم يتخلَّف عن جنازته أحد إلا الخليفة، وحمل إلى محلَّة الحربية، فدفن في تُرْبة أبيه، [وكان ثقة صدوقًا، والله أعلم] (١).

قال العماد الكاتب: جلس يومًا بالدِّيوان في نيابة الوزارة عن الإمام المستضيء، فقام جمال الدِّين بن الصَّفي، فأنشده: [من الطويل]

لكل زمانٍ من أماثل أَهْله … برامكةٌ يمتارُهُمْ كلُّ مُعْترِ

أبو الفَضْل يحيى مثل يحيى بنِ خالد … ندًى وأبوه جعفرٌ مثل جَعْفَرِ

فقام باشت الواعظ البغدادي، فأنشد بديهًا: [من الطويل]

وفي الجانبِ الشَّرقي يحيى بنُ جعفرٍ … وفي الجانب الغربيِّ موسى بن جَعْفَرِ

فذاك إلى الله الكريم شفيعنا … وهذا إلى المولى الإمامِ المُطَهَّرِ

يعني أن يحيى بن جعفر صاحب هذه الترجمة كان يسكن الجانب الشَّرقي من بغداد، فهو يشفع لنا إلى الإمام المستضيء بأمر الله، وموسى بن جعفر الصادق -رحمة الله عليهما- مدفون بالجانب الغَربي، يشفع لنا إلى الله تعالى.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٢٥٦.