للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجواريه، وعاهدها أن لا تمكِّن منها أحداً بعده، وبنى لها القصر المعروف بقصر شيرين بالعراق.

فلما قَتل شيرويه أباه أبرويز راودها عن نفسها فامتنعت، فضيَّق عليها واستأصلها، ورماها بالزنى، وتهدَّدها بالقتل إن لم تفعل، فقالت: أفعل على ثلاث شرائط. قال: وما هي؟ قالت: تُسلِم إليَّ قَتلة زوجي أقتلهم، وتصعد المنبر فتبرئني مما قذفتني به من الزنى، وتفتح لي ناووس (١) أبيك فإن له عندي وديعةً عاهدتُه إن تزوَّجتُ رددتُها عليه. فدفع لها قَتلةَ أبرويز فقتلتهم، وصعد المنبر فبرَّأها مما قذفها به من الزنى، وفتح لها ناووس أبيه وبعث بالخدم معها. فجاءت إلى أبرويز فعانقته ومَصَّت فصّاً مسموماً كان معها، فماتت من وقتها. وأبطأت على الخدم فصاحوا بها فلم تكلِّمْهم، فجاؤوا إليها فوجدوها معانقة لأبرويز ميتةً، فجاؤوا إلى شيرويه وأخبروه، فشق عليه، ومات بعد أيامٍ (٢).

وكان سبب موته ما حكَاه الجاحظ قال: أبرويز أول من أخذ بثأره من حيٍّ وهو ميِّت، وذلك لأن المنجمين أخبروه أنه سيُقتل، فقال: والله لآخذنَّ بثأري ممن قتلني، وعمل حُقًّا فيه حبوب، وخلطه بسُمّ ساعةٍ، وختم الحُقَّ، وجعله في صندوق من ذهب. فلما أرسل إليه شيرويه من يَقتُله، قال له: لا تقتلْني وأدلُّكَ على غِنى الأبد. قال: وما هو؟ قال: الصندوق الفلاني، فيه حُقٌّ فيه غناك، فلما قتله أَخبر شيرويه، واشتغل بالمُلْك عن الحُقِّ. فلما كان بعد ستة أشهر من قتل أبرويز، فتح شيرويه ذلك الصندوق، فوجد الحُقَّ وعليه مكتوب: مَن أخذ من هذا الحبِّ حبةً وابتلعها افتضَّ عشرة أبكار -وكان شيرويه مُولعاً بالنساء- فأخذ حبة فبلعها، فتقطَّعَت أمعاؤه، ورأى العبر بنفسه، ومات (٣). وكانت مدةُ ولايته ستة أشهر.

[فصل]

وكان لشيرويه ابنٌ صغير اسمه أرْدشير، عمرُه سبع سنين، فولوه المُلك، فأقام خمسة أشهر.


(١) الناووس: مقابر النصارى.
(٢) المنتظم ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٨.
(٣) انظر المنتظم ٢/ ٢٨٤ - ٢٨٥.