للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان شهريار بن أبرويز مقيماً بأنطاكية مذ جهَّزه أبوه لقتال الروم على ما ذكرنا، فلما قُتل أبوه أقام مكانه خائفًا من شيرويه، وجعل الروم ظهرَه، وكتب إلى قيصر يستمدّه ويقول: قد علمتَ ما فعلتُ معك. فأمدَّه بالمال والرجال، وأقام متحضناً بأنطاكية. فلما مات شيرويه وولي ابنُه أردشير، سار إلى المدائن طالباً بثأر أبيه، فقتل أردشير، وجار وظلم، وفضح نساءهم وسفك دماءهم، فوثبوا عليه وقتلوه، فكان مُقامه في المُلك عشرين يوماً.

ولم يبق من نَسْل الفُرس ذَكر، قتل شيرويه الجميع ولم يبق إلا ابنتين لأبرويز: بوران وآزرمي دخت.

[فصل]

فملّكوا عليهم بُوران: فأقامت العدل، وأحسنت السيرة، وأصلحت القناطر والجسور. ولما جلست على السَّرير قالت: ليس ببطش الرجال تُدَوَّخُ البلادُ، ولا بمكائدهم يُنال الظَّفر، وإنَّما ذلك بعون الله ومشيئته. فأقامت سنة وسبعة أشهر. ولما بلغ النبيَّ ﷺ أمرُها، قال: "لا يُفلحُ قومٌ ولَّوْا أمرَهم امرأةً" (١). ثم ماتت، ويقال: إنها قُتلت.

[فصل]

ثم ملَّكوا آزر ميدخت بنت أبرويز، وكانت من أجمل نسائها، فلما جلست على السرير قالت: منهاجُنا العدلُ والإنصاف، فإن زغنا زيغ بنا.

فأرسل إليها فُرُّخ بن رستم صاحب خُراسان يخطبها، فقالت: لا ينبغي للملكة أن تتزوج علانيةً. ووعدته أن يَقدم عليها سرّاً في ليلةٍ عينتها له، فجاءها في تلك الليلة فقتلته، فسار إليها أبوه رستم فقتلها (٢)، وكانت أيامُها ستةَ أشهرٍ.

[فصل]

ثم مَلّكوا عليهم يَزدَجِرْد بن شهريار بن أبرويز، الذي كان خَرابُ البيت على يده، وكان عمره يومئذٍ خمس سنين، وقيل: خمس عشرة، وصِغَرُ سنِّه هو الذي أوجب


(١) أخرجه أحمد (٢٠٤٣٨)، والبخاري (٤٤٢٥) من حديث أبي بكرة ﵁.
(٢) في تاريخ اليعقوبي ١/ ١٧٣، والطبري ٢/ ٢٣٢، والتنبيه والإشراف ص ١٠٦، وتجارب الأمم ١/ ١٤٤، والمنتظم ٣/ ٣١٢ أن الذي خطبها هو فرخ هرمز، وأن الذي سار إليها فقتلها هو ابنه رستم.