للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وقال لي يومًا]: يا فلان، ما ترى هؤلاء أصحابنا الفَعَلة الصَّنَعة -يشير إلى الحنابلة- أنا بينهم أموت بالجوع ما يطعمني أحدٌ لقمة، فإذا متُّ غدًا، شدُّوا تابوتي بالحبال، وصاحوا: هذي رايات الصَّالحين. فقلتُ له: طَيِّبْ قلبك، ما يفعلوا بك هذا أبدًا. فقال: أنتَ أيضًا من الحمير.

[قال: وكان يحسد جدِّي، وكانت بنفشا جارية الخليفة تعلم ذلك، فكانت تغيظه، بعثت إليه يومًا خادمًا، ومعه طبق مغطى بمنديل دبيقي (١)، فوضعه بين يديه، فظن أن فيه حلاوة، فكشفه، وإذا بقدح من زجاج فيه ماء، فقال الخادم: الجهة تقول لك: هذا ماء من بئر وقعت فيه فأرة، فانظر هل هو طاهر أم نجس؟ فشتم الجهة، وقال: الخِلَع والحلاوات والمال إلى ابن الجوزي، وصدقة يُسأل عن الماء النجس؟! فأبلغها الخادم، فضحكت، وبعثت له شيئًا] (٢).

كُمُشتِكِين (٣)

خادم نور الدِّين محمود.

كان من أكابر خُدَّامه، ولاه قلعة المَوْصِل نيابةً عنه، فلما ماتَ نورُ الدِّين هَرَبَ إلى حلب، وخَدَمَ شمسَ الدِّين ابن الدَّاية، ثم جاء إلى دمشق، وأخَذَ الملكَ الصَّالح، وجاء به إلى حلب، [وقد ذكرناه] (٢)، وأقطعه الملكُ الصَّالح حارم، [(٤) وأقام بها، وعصى عليه، فلما حصره الفرنج صالحه وقد ذكرناه، واختلفوا في سبب قتله على قولين أحدهما أن كمشتكين] حسد أبا صالح بن العَجَمي وزير الملك [الصَّالح] (٢)، فوضع عليه الإسماعيلية، فقتلوه، واستقلَّ كُمُشْتكين بالأمر، فقيل للملك الصَّالح: ما قَتَلَ وزيرَك إلا الخادم ليستبدَّ بالأمر، فحبسه وطالبه بتسليم قلعة حارم، فكتَبَ إلى نوابه، فأبوا أن يسلموها.


(١) نسبة إلى دبقا، من قرى مصر قرب تنيس، مشهورة بأقمشتها، انظر "معجم البلدان": ٢/ ٤٣٧.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) له ترجمة في "الكامل" لابن الأثير: ١١/ ٤١٥ - ٤١٩، ٤٤٥ - ٤٤٦، و"الروضتين": ٢/ ٤٦٨ - ٤٧٠، و"الوافي بالوفيات": ٢٤/ ٣٦٧.
(٤) في (ح): وأقطعه الملك الصالح حارم، وسبب قتله أنه حسد أبا صالح، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).